حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 19413

ذكريات في أحضان كفرنجة

ذكريات في أحضان كفرنجة

ذكريات في أحضان كفرنجة

04-05-2016 03:54 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عبدالله علي العسولي
صبية حلوة كفرنجة... ما عبست في وجه عشاقها ...وهل يعبس المحب في وجه محبوبته ...أحبتها اجيال ...تتسابق سهام عشقهم إليها ...كل يفخر بحبه لها أكثر من الآخر ...ضمت بين ذراعيها الأهل والأحبة فما فترت يوما ...امتاز تاريخها بأصالتها ومجدها العذب ...سقى مطر الشتاء أزقتها فزادها الطهر طهرا ...وسالت مزاريب بيوت الطين فيها ..مياها مباركة عذبة ...بيوت الطين التي سكنتها عوائل ...تقاسمت المحبة والأخوة التي ليس لها مثيل ...فأثمرت المحبة ودا وأخوة تجمعهم على موائد سهر ...وحول مواقد جمر بليل شتاء منهمر ...نزعوا البغض والأنانية من قلوبهم ...فقذفوها على جمر الشتاء ...فجمعتهم قلوبهم قبل عقولهم ...على العطف والرحمة والحنان ...فبان ذلك على وجوههم التي لفحتها حرارة المواقد ...اجتمعت نسائهم بجلسات ( حداء وهجينه ) يغزلن شعر الغنم خيوطا على عنق مغزل ...فزها المغزل بخيوط بيضاوية وبتناسق عجيب .
...بيوت الطين التي كانوا يجمعون لها التراب الأبيض ( المعلك ) على دوابهم من ( محافير كفرنجة ) المشهورة آنذاك ...ليطين بها ويخفين عيوب بيوت الطين من تسلل ماء المطر في فصل الشتاء ...فتدلف البيوت على رؤوس ساكنيها ...كانوا يخلطون التراب بالتبن وتجبله نسوة الحارة اللواتي يجتمعن معونة وفزعة ...ويتخلل عملهن أكلة( البحته ...رز بحليب ) والمشهورة في تلك الأيام .
كانوا يحضرون الشيد الأبيض ...وتمزجه النساء بالماء ويطرش داخل البيت بالطيون المعد لذلك ...فيصبح داخل البيت ابيضا يتلألأ بياضه ...وتزهو فيه روائح الطيون الطيبة المنعشة والذي استخدمنه في عملية الطراشة ...فتتمازج فيه نسمات هواء باردة بروائحه الزكية ...فترتاح أنفسهم فيها ويقضون أوقاتا حلوة طيبة
كفرنجة... أحبت أهلها...فأحبوها حبا يسري في عروقهم ودمائهم ...أزقتها يغازلها ضوء قمر بليلة صيفية هادئة وأجواء رومانسية جميلة ...يخترق هدؤها ...صوت المؤذن الجميل الشيخ عبد القادر رحمه الله ...وهو يكبر يصوته الجوهري ..فيتهادى صوته بين جبالها مكبرة معه الله اكبر ...ومعلنا قرب اذان العشاء بليلة جمعة مباركة طيبة ...فيصدح صوته العذب الجميل بإبتهالات دينية يرتاح لسماعها القلب والوجدان.
...أزقة كفرنجة كان يتجمع بها الشباب ...يلعبون ( الخارطة والكوم ستير ..والسبع حجار) ...تلامس أياديهم الغضة ذرات ترابها الطاهر وجدرانها الجميلة .
...شوارعها رصفت بحجارة متناسقة كلوحة خزف مطرزة متجانسة الشكل ...رصفت بأيدي امهر العمال ..بجمال رائع فمدت الشوارع بجمالها الى بيوت البلدة كطوق زين عنق فتاة ...فتجهز الشوارع لتزفيتها وصقلها ودحلها بمحلة كبيرة ...فترى الشوارع بعدها قلما تجد فيها حفر أو مطبات...ويبقى الشارع كما هو لسنوات طويلة.
...باص قريتي الكبير (باص طشطوش) والذي كان يتسع لأكثر من اربعين راكبا –ويحمل الباص مثلهم زيادة ...فتجلس النساء ويقف الذكور احتراما وتقديرا ...فتذهب الناس لشراء حاجياتهم الضرورية كشراء عجوة للشتاء او منجل حصيدة أو مزنوك لرب العائلة ...فكنا ننتظر الباص نحن الأطفال (لنتجربح بمؤخرته ) ونتمنى أن نركب فيه ونشم عوادمه غريبة الرائحة والتي كانت النساء تدوخ منها في البيوت ...فيخترق الباص الشارع الرئيسي ويلف من تحت ( القناطر ) المشهورة أنذاك والتي كانت بقايا لبيت طين اخترق الشارع البيت ويقيت قناطره يمر الباص من تحتها .
...كان وقتها في بلدي مقهى يرتاده كبار السن يلعبون (الباصره والهاند والبناكل ) كان يملكه أبو جمال العنانزة - رحمه الله ...وكنا صغارا ندخل المقهى أفواجا لحضور مسلسل (فارس ونجود )والذي فيه تلفازا ( اسود وابيض) وكان تلفاز ابو جمال العنانزة من أوائل الأجهزة التي دخلت كفرنجة في ذلك الوقت ...ندخل المقهى بأجرة قرش لمن يجلس على كرسي وتعريفة لمن يجلس على الأرض ...فكانت الكراسي تغص بالجلوس وأرضية المقهى يتزاحم أكثر الجالسين على الأرض .
...كان طائر السنينو يصول ويجول في شوارع البلدة وعلى ارتفاعات منخفضة ...كدليل على الأمان والمؤاخاة بينه وبين الناس ...يبني عشه مؤمنا فراخه داخل منازل الأهالي .
...حيوانات البلدة من خيل وبقر وأغنام ...تسكن المنازل مع أصحابها في الشتاء فتسكن كل حيوانات البلدة بنسيج متحاب متكامل يجمعهم برد الشتاء وأمطاره .
...اعراس بلدي كانت تستمر أياما بتعاليل سمر ...يتجمع فيها كل أهل البلدة ..فرحا أخويا صادقا نابعا من القلب ...فيجتمعون على ( الشبابة والجوفية والدحية )
...عروسا يجملنها بنات الحي (بالبودرة البيضاء والبريل كريم) ذو الرائحة الحلوة المنعشة ...يجملن العروس ...تزفها صبايا الحي إلى بيت عريسها مشيا على الأقدام وسط الزغاريد وأغاني الوداع المحزنة .
...أعياد بلدي الفطر والأضحى ...يجتمع فيها الناس ويتبادلون التهاني والزيارات المنزلية – يلبسون أفضل الثياب ...فرحين يتناولون ( القسماط والبسكوت المصنع يدويا وحلو الناشد اخوان والراحة والفيصلية ) يمضون يوم العيد وهم يتزاورون بمحبة وود وتراحم .
...أهل بلدي كانت لا تجمعهم إلا المحبة والاحترام والتقدير ...ولا يذكرون بعضهم البعض إلا بخير وصدق .
--أياما حلوة جميلة لن تعود ... رحم الله أهل بلدي ما أطيبهم .
عبدالله علي العسولي..ابو معاذ


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 19413
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم