حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,25 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 25338

"ايام زمان .. والتوجيهي"

"ايام زمان .. والتوجيهي"

"ايام زمان  ..  والتوجيهي"

09-02-2016 09:17 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم :
إبان عاصفة نتائج الثانوية العامة التي إجتاحت منازل الكثير من الأردنيين في الآونة الأخيرة، وعصفت بالكثير من أحلام أبناءهم، وتراكمت أكوام التحديات المستقبلية أمامهم، وتأجلت الكثير من مشاريعهم المستقبلية بسببها، ولكنها في الوقت نفسه أيقظت مشاعر ماضي "التوجيهي" الجميل الذي ما زال يعيش في ذاكرتنا حتى اليوم.

"توجيهي زمان" الذي ما فتئ الآباء بالحديث عنه والتفاخر فيه على الرغم من إنقضاء وقت طويل عليه، والذي ما زلت آثاره عالقة على كثير من جدران "زمان" بشهاداته الكبيرة التي ما زالت محط الفخر والإعجاب لذويها.

"زمان" كان طالب التوجيهي محط الإعجاب والثناء لجميع أبناء الحي، وما أن يتجول في طرقات الحي أثناء ذهابه أو إيابه من المدرسة حتى يتراشقه الجيران بالدعوات والأمنيات بالنجاح والتوفيق.

"زمان" لم ينقطع طالب التوجيهي عن العالم كما يفعل البعض هذه الأيام، ولم يترك شعره وذقنه دليلاً على إنغماسه في الدراسة، بل كان يمارس حياته كغيره، فتجده يتردد على المسجد لآداء الصلوات، أو يخرج مع أهله وذويه في مناسبات الأفراح والأتراح، وكذلك لا ينفك عن مشاركة عائلته في مواسم الزراعة والحصاد.

"زمان" كان الأوائل عادةً من أبناء القرى الأصيلة المترامية في جنبات المدن، فلم تبخل علينا قرى أربد والطفيلة والكرك والسلط وعجلون ومعان وغيرها بتصدير الأوائل على مستوى المملكة على الرغم من ضعف الإمكانات وضيق ذات اليد، والإنقطاع المستمر للكهرباء، فهل لنا أن ننسى الطلبة الذين كانوا يدرسون تحت أعمدة الكهرباء في الشوارع، أو على مصابيح الزيت في البيت المكون من غرفة واحدة؟ وفي نهاية العام يتصدرون قوائم المتفوقين.

"زمان" لم يتسابق الطلبة ويتكومون أمام مراكز التدريس الخاص، ولم يتوافد على منازلهم العديد من المدرسين من أجل حصص التقوية، ولم يكلفوا ذويهم سوى "التبرعات المدرسية" والمصروف الزهيد الذي يتقاضونه يومياً، وفي نهاية العام يدرجون أسماءهم على لوحات الشرف والتفوق.

"زمان" كنا نعرف الناجحين من الزغاريد التي تطلقها الامهات والأخوات إبتهاجاً بالتميز الذي حققوه أبناءهم أو من خلال "المسجل" الذي يضم أغنية "وحياة قلبي وأفراحه"، ويبدأ الجيران والأحباب بالتوافد من اجل التهنئة والتبريك، واليوم نعرف ذلك من خلال مكبرات الصوت التي تصدح بأتفه الكلمات والعبارات، أو من خلال أصوات سيارات الإسعاف التي تتوافد من اجل مساعدة فاقدي الوعي ونقل حالات الإغماء الى المستشفيات.

"زمان" كان الطلبة يعرفون النتائج من خلال التسابق الى ساحات المدارس والبحث في الكشوفات المعلقة على شبابيكها، أما اليوم فلا بد من عقد المؤتمرات والإجتماعات قبل التزاحم على الشبكة العنكبوتية من اجل البحث عن النتائج في المواقع الإلكترونية.

"زمان" كان الطلبة والأهالي يعرفون النتائج وهم في ساحات القمح أثناء الحصاد، أو بين أكوام البصل و"كروم" العدس، واليوم لا بد من السهر عدة ليالي امام شاشات الحواسيب للحصول على النتيجة في أسرع وقت ممكن.

وعلى الرغم من كل الجهود الذي يبذلها أولياء الأمور اليوم في تيسير الأمور على أبناءهم، وإفرادهم في غرفة لوحدهم طوال العام، والحفاظ على الهدوء في البيت والحي بأكمله، أضف الى ذلك المصاريف الهائلة المبذولة في الدروس الخصوصية والكورسات والدوسيات، وكافة أشكال الدلال والعناية، وحالة التوتر العنيفة التي تصيب البيت وتنتاب الوالدين، إلا أن النتائج عادةً ما تكون مخيبة للآمال والتوقعات.

إن حالة "الدلال" المفرط التي يحيط بها أولياء الأمور بأبناءهم اليوم هو السبب الرئيس لحالات الإخفاق التي نشهدها، أضف الى ذلك شعور اللامبالاة أو الثقة الزائدة التي يتمتع بها الكثير من الأبناء، وغياب ضمير عدد من المعلمين والمدرسين وتقصيرهم خلال آداءهم لواجبهم.

إننا اليوم بحاجة الى المزيد من التوعية لأولياء الأمور والطلبة، فالمشكلة ليست في إشارة المرور ولكنها كامنة في عدم التقيد بتلك الإشارة والعلامات التي تسبقها، بالإضافة الى حاجتنا الى المزيد من الصرامة والجدية في محاربة آلية الدروس الخصوصية الحالية وضرورة تحسين ظروف المعلم المادية والعلمية لممارسة عمله بإتقان وامانة.

نبارك لجميع الطلبة الناجحين في الثانوية العامة، ونتمنى على من اخفق مراجعة آلية دراسته وإعادة ترتيب أوراقه وتنظيم برنامجه، فالعبرة ليست بطول مدة الدراسة، ولكنها بكيفية إستغلال الوقت وتنظيمه، فالتوجيهي يحتاج الى إدارة جيدة أكثر من حاجته الى دراسة طويلة.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 25338
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم