حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 22820

بين غربتين ..

بين غربتين ..

بين غربتين ..

06-02-2016 09:21 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.مالك محمد جمال بني عطا

كتبت في مرحلة الماجستير في عام 2005م بحثا عن الاغتراب وأنواعه فوجدت أن أشد أنواع الاغتراب غربة الإنسان في وطنه . يليها غربة المكان عندما يترك الانسان وطنه بحثا عن الرزق أو طلبا للعلم أو لأي سبب آخر. وكان هذا البحث نظريا ولم أكترث كثيرا لواقع الغربة وتأثيرها على صاحبها وكيف أنها تكون على حساب أشياء كثيرة يخسرها المغترب.
وعندما سافرت وعشت الغربة بعيدا عن الوطن والأهل والأحبة والأصدقاء أدركت كم يعاني المغتربون في غربتهم وكيف يذوقون الأمرين .فكم من صديق مغترب فقد والده أو والدته أو أحدا من أحبته دون أن يراه .وكم من مغترب تعرض لحادث سير أثناء سفره ففقد الولد والزوجة والعائلة.
نحن المغتربون نعاني كثيرا في غربتنا ونتعرض لكثير من الضغوط ونتحمل أحيانا أشياء فوق طاقتنا من أجل أن نحقق ما خرجنا لأجله . فلكل واحد منا طموح وهدف إما أنه يريد أن يؤمن شفة لأبنائه أو يؤمن أقساط الجامعات لهم أو بحثا عن عيش كريم لم يجده في وطنه. وللأسف لا يوجد من يشعر بهذا المغترب أو بمعاناته . فالكل ينظر للمغترب وكأنه يجمع المال الوفير دون عناء . ولا يعلمون كيف يعيش هذا المغترب وما هي الأعباء الملقاة على عاتقه.
يمضي المغترب أيامه في الغربة وهو يعدها يوما بيوم حتى تأتي اجازة الصيف فيجهز نفسه وأولاده واجراءات السفر من تأشيرات مرور وعودة وصيانة للمركبة وغيرها لرحلة العودة الى الوطن الحبيب وقضاء الاجازة بين الأهل وفي ربوع الوطن الغالي .وهنا تبدأ رحلة المعاناة فيقطع آلاف الكيلومترات وصولا الى حدود الوطن فتبدأ الغربة الثانية من لحظة اجراءات دخول حدود الوطن وختم الجوازات والتفتيش ودفع رسوم ادخال السيارة والتأمين وفي كل اجراء وقوف في طابور طويل وصولا الى طريق الموت طريق الأزرق .فكم اخذ أرواحا من المغتربين . طريق مليء بالحفر والشاحنات اضافة الى ضيق هذا الشارع وارتفاعه عن الأرض فلا رصيف له وكثرة الشاحنات والصهاريج التي تستخدمه لنقل البضائع .فمنذ عقود طويلة لم يجر له أي صيانة. وصاحب الحظ السعيد من اجتاز هذه المنطقة دون حادث أو خلل فني.حتى أن البعض من مرتادي هذه الطريق يتبادلون التهاني بالسلامة لاجتيازهم هذا الخطر المحدق بهم .فأين المسؤولون عن ذلك وما منعهم من توسعة الطريق أو صيانته وخاصة أنه طريق دولي . أليس ذلك بغريب أم لأن المسؤولين لا يستخدمونه فأصبحت صيانته غير مهمة .
والويل كل الويل للمغترب الذي يفكر بشراء شقة أو أرض أو استثمار ..كم سيعاني من الإجراءات الروتينية المقيتة والتنقل بين الدوائر ودفع الرسوم وتقديم المتعارف عليه لصاحب الشأن ليتمكن من اتمام معاملته.فتضيع الإجازة وتنتهي وهو غارق بالمعاملات والإجراءات . ويتعرض المغترب لكثير من المضايقات والاستغلال . فجرمه أنه مغترب وجيوبه مليئة بالمال ويركب سيارة فارهة. حتى وصلت بالحكومة أن تعامل أبناء المغتربين المتقدمين للقبول والدراسة في الجامعات الأردنية كأنهم مواطنون غير اردنيين فخصصت لهم نسبة ضيئلة من المقاعد في الحامعات . وحرمتهم من كل أنواع المكرمات . كذلك فقد حرمت أبناء المغتربين الدارسين في الجامعات الأردنية من استخدام سيارات غير أردنية وادخالها للوطن في حين أنها تسمح بذلك للطلبة غير الأردنيين.
المغترب يستحق كل التقدير والتعاون وتسهيل معاملاته . فهو يدر على الوطن العملة الصعبة من خلال التحويلات المالية ونحن نعلم أن المغتربين يرفدون الوطن سنويا بمليارات الدنانير . ويفسحون المجال لأبناء الوطن لشغل الوظائف التي تركوها ويخففون عن الوطن عبئا كبيرا . كما أنهم سفراء لوطنهم يمثلونه أحسن تمثيل . لماذا لا يلقى المغترب أدنى درجات التقدير من حكوماتنا الرشيدة ؟ لماذا لا يعامل كما تعامل الدول الأخرى مواطنيها المغتربين وتقدم لهم التسهيلات والحوافز التشجيعية ؟لماذا لا نجد الاهتمام بالمغترب كما ينبغي ؟
سعدنا كثيرا بعقد مؤتمر المغتربين الاردنيين في منطقة البحر الميت . وخاصة عندما رأينا زخم الدعاية الإعلامية وحجم الترويج له . وتفاءل المغتربون كثيرا وبنوا الآمال على هذا المؤتمر وتم تقديم التوصيات والاقتراحات التي من شأنها خدمة المغتربين والتسهيل عليهم وتشجيعهم وتم طرح الكثير من النقاط المهمة من أبرزها احتساب الخدمة للمغترب لغايات التقاعد وتوثيق صلة المغترب بوطنه والتسهيلات الجمركية ورفع نسبة قبول ابناء الأردنيين المغتربين في الجامعات وأشياء كثيرة تم طرحها ووعدت الحكومة بدراستها والخروج بقرارات تخدم أبناء الوطن المغتربين . وقد انقضت إلى الآن سبعة شهور على عقد هذا المؤتمر دون ان نرى أي نتائج أو قرارات من تلك التي صدرت عن المؤتمر كتوصيات .
حكومتنا الرشيدة رفقا بالمغتربين فهم من أبناء هذا الوطن وليسوا لاجئين . علما أن اللاجئين في وطني يأخذون حقهم غير منقوص.
حفظ الله الوطن وقيادته وشعبه الأبي ورجال أمنه الشرفاء وجنوده البواسل .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 22820
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم