حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 27285

إتركوا لنا شيئاً كي نعيشْ !!

إتركوا لنا شيئاً كي نعيشْ !!

إتركوا لنا شيئاً كي نعيشْ !!

03-02-2016 03:29 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عصمت حداد
يوماً ما تأخَّرَ ربُّ الأسرةِ عن الحضور إلى بيتهِ ؛ بسبب بحثِهِ عن لقمةِ العيشِ، مما إضطرهُ إلى المبيتِ خارج المدينةِ ، وترك هناكَ زوجتهُ وطفلهُ الصغيرْ، وفي منتصفِ الليلِ..دخلَ "حرامي" إلى داخل المنزلِ.. وأَخرجَ سِكِّينتهُ الحادةَ.. وصوَّبها تجاهَ المرأةِ المسكينةِ.. مُحذِّراً إياها من الصراخِ لكي لا تجلِبَ إنتباه الجيران، أدركَتْ تلك المسكينة.. بِأنَّ حياتها وحياة طفلها أثمنُ من كل كنوز ألأرضِ.. وأكدت له بِأنها ستجلس في زاوية من زوايا البيت هادئهْ..وتركتْ له حرية الحركة كما يشاءْ، كانت نظراتها تتحرك مع كل شيء يخطفه ويضعه في كيسهِ الكبيرْ، كانت تتألم بصمتٍ.. بَيْدَ أنها عاجزةٌ عن الحركة ، إمتلأ الكيسُ بعدَ أن أخذَ الحرامي كلَّ شيءٍ يحتاجُهْ، حاولَ أن يرفعَ ذلكَ الكيسِ.. فَكان الكيس تقيلاً يحتاج إلى شخصٍ آخر يرفعُهُ على ظهرهِ، نظرَ إليها بصمتٍ.. فَفهمتْ ما كان يرمي إليه ، قالت لِطفلها بعدَ أنْ وضَعَتْهُ على الأرض: "إجلس يا صغيري..سأساعد خالك في حمل الكيس لأنه ثقيل"، وهنا ارتعدتْ فرائصُ الحرامي.. وصرخ بأعلى صوته وهو يبكي: " حقيرٌ أنا ..جئتُ كل هذه المسافة.. وخاطرتُ بحياتي كي أسرق أختي !!!" ، أفرغَ الكيسَ على ألأرض والدموع تتساقط من عينيهِ، وطأطأَ رأسَهُ خجلاً.. وقالَ قبلَ أن يخرج من البيت: " المعذرةُ يا أختي..فَأطفالي جِياعٌ.. ورُغمَ ذلكَ..أقسمُ لكِ بأنني لن أطعمهم خبزاً مغمساً بالحرامِ بعدَ اليومْ "، وعندَ خُروجِهِ.. رفعت المسكينةُ نظراتها إلى السماء.. ودَعَتْ له بالتوفيقِ والرزق الحلال.

في اليومِ التالي.. دخل زوجها ومعه " عتَّالٌ " يحملُ معهُ أغراضَ كثيرهْ ، كانَ العتَّالُ هو نَفْسُ ذلكَ الحرامي الذي زارها في الليلة الماضية ، نظر إليها وقال: "الحمد لله الذي رزقني رزقاً حلالاً ".

الدافع الذي دفعني لِسَردِ هذه الحكايةِ.. هو أننا نعيش نفس حكاية ذلك الحرامي الذي إمتنعَ عنِ السرقَةِ بسبب كلمةٍ واحدةٍ هزت كيانهْ ، وهنا.. تَضَعُنا هذهِ الحكايةِ البسيطةِ أمامَ مفاهيمَ حياتِيَّةٍ لا تُعَدُّ ولا تُحصى : الشَّرفُ.. النزاهةُ والبحثُ عن لقمة الحلالْ ، ولا نبالغُ إذا قلنا بأنَّ هناكَ سُرَّاقاً ينتشرون في بلدنا.. ينتشرونَ على هذه الأرض الطاهرةِ ماتت ضمائرهم وقلوبهم وتمادَوا في غِّيهم.. واندفعوا بأقصى سرعةٍ لسرقة كلِّ شيءٍ يعود إلى الوطنْ، يسرقونَ في وَضَحِ النَّهارِ.. ونحن نصرخ بأعلى أصواتنا : " إتركوا لنا شيئاً كي نعيش "، نحن أشقاؤكم ..إخوانكم ..ننتمي إلى نفس الوطنِ والدم، لقد أخذتم كُلَّ شيءٍ.. وامتلأتْ أكياسُكم بالخيانةِ ،..سرقتم البيتَ والتاريخَ والحضارةَ.. وما زالَ الوطنُ يحتضِنُكُمْ بِدِفْئِهِ ، فكم أنتَ عظيمٌ يا وطني.

لقد أظهرت المسيرة .. وعبر هذه السنواتِ العجافِ التي مرت على الوطن..بأن الأمن والأمان والإستقرارَ..ضَرْبٌ من ضروب الخيالِ، وبأن الوصولَ إلى الحياة الحرةِ الكريمةِ.. هو الوصول إلى المستحيل، وأنَّ الظلام الذي نحن فيه.. قادر على إنجاب المزيد من المآسي والكوارث، ومن يريد الخروجَ من هذا النفق المظلم..عليه أن يفكر في استبدال هذه العقول التي قادتنا إلى كل هذه الهزائم، لقد كتبنا كثيراً أيها السادةُ، وبكينا أكثر.. عندما أنتجنا ذئاباً تتباهى بأفعالها المخزية، وشعباً يرى فجيعته شاخصةً أمامه بكل ألم، فكم نحنُ بأمس الحاجة إلى ولادة عصرٍ جديدْ.. عصرٍ ينهضُ فيه القلم إلى جانب الفأْسْ، قَلَمٌ يفضح الفاسدين..ويضع إصبعه على مواضع الخلَلْ، قَلمٌ يؤسسُ لمرحلةٍ جديدةٍ قائمةٍ على العدل والإنصافْ، وفأسٌ شجاعٌ قادرٌ على الحفر في جدار التاريخ.. وهو يرفع شعارَهُ : ( نعم للوطنَ..وتباً..لكلِّ اللصوصِ والفاسدين ).

قالوا لنا: اكتشفوا السارقين، قلنا لهم: إنهم مكشوفون،..فهم يمارسون السرقة ليلا ونهاراً،..وعلى الهواء مباشرة ، وعلى مرأى الجميع، قالوا: الوطن في خطر، قلنا: مَنْ يريد الوطن معافى، عليه إلغاء كل الهويات التي تتقاطع مع هوية الأردن، وجعل الوطن للأردنيين جميعاً، دون تميز، أو تهميش، أو إقصاء، باعتباره وطن الجميع ، صرخوا : لقد نُهبَ البلد، صرخنا: سيكون المستقبل أكثر ظلاماً وقبحاً، ما دام هؤلاء الفاسدون هم المسؤولون عن مؤسسات الوطن، هذه الرؤوس الفاقدة لقدرتها منذ أن كانت نطفة في الأرحامِ ، هي نفسها التي تقاد وتقود، وتسرق وتنهب ، وتعبث بخيرات ومقدرات ودماء الفقراء.

" الحيطِ المايِل .. بِعلِّم الناس السِرقَهْ "



لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 27285
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم