حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 37583

التنمية الخضراء

التنمية الخضراء

التنمية الخضراء

01-02-2016 03:16 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أحمد محمود سعيد
التنمية الخضراء (2)
اجمع العالم على اهمية موضوع البيئة وتأثيرها على الإنسان منذ مؤتمر ستوكهولم عام 1970 وبدأت الدول المختلفة تتخذ إجراءات للمحافظة على البيئة وكان إهتمام العالم في حينها على قطاعي الصحّة والنظافة وتدهور طبقة الأوزون وتوسّع اهتمام العالم والأمم المتحدة بعد ذلك بظواهر بيئية مختلفة كالتنوع الحيوي والتصحر والتغيُّر المناخي والإنبعاثات الغازيّة السامّة وخطورة النفايات الخطرة والسامّة وغيرها فكان مؤتمر قمّة ريو في البرازيل عام 1992 تتويجا لذلك الإهتمام العالمي حيث تم ربط البيئة بالتنمية وباشرت الدول بإعداد اجندتها للقرن 21 لحماية البيئة كما تم التوقيع على المعاهدات الدولية الثلاث في ريو وقد تم إنشاء سكرتاريا لكل إتفاقية وقامت الأمم المتحدة بتقديم الدعم المالي والفنّي لدول العالم الثالث للقيام بواجباتها حسب الإتفاقيات والبروتوكولات الدولية .

وقد كان إهتمام العالم قبل ريو بشكل اساسي بالتنمية الإقتصادية ونمو الإقتصاد في كلا النظامين السائدين في ذلك الحين وهما النظام الرأسمالي والنظام الإشتراكي ولكن بعد ريو ادرك العالم ان التنمية تختلف عن النمو وباشرت الدول بربط التنمية الإقتصادية بالبعد البيئي لهذه التنمية وتولّد مفهوم التنمية المستدامة .
وحيث أن التنمية لا تتطابق مع النمو بأي شكل من الأشكال، فالتنمية عبارة عن عملية اقتصادية اجتماعية سياسية ثقافية بيئية شاملة، ولا يمكن للتنمية أن تنحصر في النمو المادي فقط , وهناك فرق بين النمو المتمثل في زيادة الإنتاج الإجمالي أو متوسط دخل الفرد وبين التنمية بمفهومها الشامل التي تكون مترافقة بتغيرات هيكلية في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية خلال حقبة طويلة من الزمن، ولا يمكن أن يكون مستوى دخل الفرد أو معدل نمو دخله هو المؤشر الرئيس على مدى تقدم المجتمعات باتجاه التنمية.

صحيح أن مفهوم التنمية الاقتصادية مرتبط بالرفاه الاجتماعي وبرفع مستوى المعيشة وذلك من خلال رفع مستوى ونوعية حاجات الإنسان الأساسية والثانوية في المدى القريب والبعيد ولكن لتحقيق التنمية الاقتصادية بمفهومها الحديث لابد من التغلب على عقبات وتحديات كثيرة من أهمها القضايا البيئية , وقد كانت الاهتمامات تنصب سابقاً على آثار التنمية في البيئة,ولكن من الضروري فهم الطرق التي يمكن للتدهور البيئي أن يقود إلى وقف التنمية بل ربما تغيير اتجاهها.
إن ما يُقلق كل شعوب الأرض هو كيفية تحقيق تنمية اقتصادية بأقل قدر من التلوث والأضرار البيئية وبالحد الأدنى من استهلاك الموارد الطبيعية، وهذا يتطلب دمج الاعتبارات البيئية وإدارة الموارد الطبيعية في سياسات وخطط التنمية، بحيث يكون التخطيط للتنمية والبيئة معا على ان يكون الاهتمام منصبا على نوعية الحياة و الرفاه أكثر منه على إنتاج السلع والخدمات ، فالقضايا البيئية المتعلقة بالماء والتربة والهواء تؤثر تأثيراً كبيراً على الإنتاجية وعلى الكفاءة الاقتصادية، وهذا يستدعي إدخال المعايير البيئية عند إقامة المشاريع الصناعية والزراعية والخدماتية، أي القيام بدراسات للجدوى البيئية للمشاريع المقامة والتي ستقام، وإلزام المستثمرين بهذه الدراسات التي تبين تأثير المشاريع المقترحة على البيئة وإمكانية وكيفية معالجة الآثار البيئية السلبية الناتجة عنها .
وحيث أنه لا يمكن إيقاف التنمية من أجل المحافظة على سلامة البيئة، كما أنّه لا يمكن الاستمرار بالتنمية دون أخذ الابعاد البيئية بالإعتبار ,لذلك يجب التوفيق بين التنمية والبيئة عن طريق حساب وتحليل العائدات والتكاليف البيئية للتنمية، الذي يأخذ بالاعتبار العائدات والتكاليف الاجتماعية. وباستخدام طريقة تحليل العائدات والتكاليف يمكن ترتيب المشروعات حسب درجة تأثيرها سلباً وإيجاباً على البيئة، حيث يعد الهدر البيئي من ضمن تكاليف المشروع وتعد الآثار البيئية الإيجابية للمشروع من عائدات المشروع, وبعد أن يتم حساب كل العائدات والتكاليف يمكن الحصول على القيمة الحالية الاجتماعية، ويكون المشروع الذي تكون صافي قيمته الحالية بعد حساب كل التكاليف الاجتماعية بما في ذلك تقدير الأضرار البيئية , والعائدات الاجتماعية بما في ذلك العائدات البيئية , أكبر من صافي القيمة الحالية للمشروعات البديلة، يكون هو المشروع الأفضل من الناحية البيئية، ومثل هذه المشاريع هي المشاريع التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة باعتبارها تؤدي إلى أضرار بيئية أقل.
ونظراً للتطورات المستمرة في العالم وفي كل المجالات التكنولوجية والمعلوماتية والصحية وغيرها فإنه يتوجّب أن يكون هناك تقييم بيئي بإستمرار بعد تنفيذ المشاريع لمعرفة الآثار الفعلية السلبية والإيجابية لتلك المشاريع على البيئة, كما يجب تقييم الأضرار البيئية وتقديرها ماليّا، وكذلك تحديد قيمة الفائدة الاجتماعية التي تعكس التفضيل الزمني للمجتمع.
وعند تحليل العوائد والتكاليف يجب أولاً تحديد الوضع البيئي الحالي، أي قبل البدء بتنفيذ المشروع للتمكن من معرفة التغيرات البيئية التي قد تحصل، وثانياً يجب تقدير كل العائدات بما في ذلك العائدات البيئية وكذلك تقدير كل التكاليف بما في ذلك التكاليف البيئية الناجمة عن قيام المشروع ويجب أن يكون هناك تصور للتغيرات البيئية المرغوبة التي قد تنجم عن تنفيذ المشروع وهذا ما يسمّى تقييم الأثر البيئي للمشروع وبناء على هذه الدراسة يتم إتخاذ القرار بالموافقة على المشروع أو إن كان بحاجة لأي تعديلات أو إجراءات مسبقة او لاحقة.
وقد زادت الآثار السلبية على البيئة بعد استخدام الإنسان للصناعات الكيماوية بكل أشكالها في بداية القرن الماضي فرغم أن هذه الصناعات استحدثت عددًا من العقاقير والمركبات الكيماوية التي كان يراها الإنسان في البداية ذات فائدة اقتصادية عظيمة في حياته إلا أنه بعد فترة اكتشف أنها من أخطر مصادر التلوث فمثلاً مادة " دي .دي . تي " عندما استحدثها الإنسان كان يعتبرها الوسيلة المثلى للقضاء على الأوبئة والملوثات؛ ولكن بعد فترة اكتشف أن أضرارها تفوق فوائدها لدرجة أن بعض الحكومات قامت بتجريم استخدامها بعد منتصف القرن الماضي، ومع التطور الصناعي والتكنولوجي أصبحت البيئة أكثر تأثرًا بالنشاط الاقتصادي للإنسان لدرجة امتداد هذا التأثير السلبي إلى الفضاء الخارجي بعد استخدام الإنسان للطيران والصواريخ وغزو الفضاء الخارجي وحرب النجوم واستخدام الطاقة النووية في الصناعة.
وقد اصبح مفهوم الإقتصاد الأخضر عاما وذو اولويّة في كثير من الدول حيث يشكل الاقتصاد الأخضر وسيلة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة مع تبني نهج الاقتصاد الاخضر من خلال تعزيز التنافسية الاقتصادية وخلق فرص عمل و جذب الاستثمارات وكذلك دعم الابتكار والمعرفة إضافة لكفاءة استخدام الموارد الطبيعية والاقتصادية وتعزيز الأمن الوطني في مجال الطاقة والمياه كما يفيد في تعزيز سمعة البلد عالمياً .
والتنمية الخضراء ترتكز على محاور رئيسية هي السياسات و الحوكمة وإدارة البيانات و بناء و تنمية القدرات و الطاقات البشرية .
وتبدأ التنمية الخضراء من العدالة البيئية والتي تُبنى بناء على مبادئ العدالة والمساواة والحرّيّة وعلى الافتراض أنّ البيئة المناسبة هي من الشروط الحيوية لتنمية رفاه البشر وقدرة الناس على العيش والتمتع بحقوق الإنسان.
وحيث أنّ التنمية الخضراء هي عبارة عن تشجيع التنمية الاقتصادية مع تخفيض انبعاث الملوثات وغازات الدفيئة والتخفيض قدر الإمكان للنفايات والإدارة المستديمة لموارد الطبيعة والمحافظة على التنوع البيولوجي .
وتعنى التنمية الخضراء أيضا فرص تحسين الصحّة لمختلف المجتمعات وضمان موارد الطاقة من خلال تقليل الاعتماد على استيراد الوقود الأحفوري.
ومن الوسائل لتطبيق التنمية الخضراء تحويل توظيف الأموال في حماية البيئة إلى العامل المشجّع للتنمية الاقتصادية, وتطالب التنمية الخضراء التغيير في توظيف الأموال في القطاع الخاص والقطاع العام مع الأخذ بعين الاعتبار التوجيه الحذر للميزانيات العامّة المحدودة ووضع الإطار السليم للسياسة لتشجيع التمويل من القطاع الخاصّ .
وبالمفهوم الاقتصادي تعني التنمية الخضراء المستديمة زيادة الناتج القومي الإجمالي مع عدم إلحاق الضرر بجودة موارد الطبيعة وكميتها والاستفادة الكاملة لفرص التنمية من خلال إجراءات التغيير والإصلاح .
وهناك مؤشرات للتنمية الخضراء تهدف الى خلق الأداة للرقابة الفعّالة والمتابعة للتغييرات التي تحدث في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلد بإتجاه التنمية .


• وتدرس هذه المؤشرات التأثير المباشر لاستخدام أدوات المؤشرات النهائية في التفكير لتنفيذ المشروع الوطني للتنمية الخضراء على المدى القصير والمتوسط وتمنحنا إمكانية التوافق السريع وسياسة تطبيق المشروع من خلال الشغل الأخضر , والقطاعات البيئية , وحجم تصدير التكنولوجيا الخضراء , وكذلك حجم المشتريات الخضراء في القطاع العام , وحجم تدوير المواد الخام في الصناعة إضافة لحجم البناء الأخضر .
كما ان المؤشرات المرجعيّة تعبر عن التقدم العام والواسع للتنمية الخضراء طويل الأمد وتهتم هذه المؤشرات بالمنتج الأخضر وشدّة وخصوبة الإستعمال لموارد المياه والطاقة والمواد الخام وكثافة انبعاث الكربون ومستوى تلوث التربة والهواء والمياه .
كما ان مؤشرات لوحة القياس تعطي للخبراء والباحثين فكرة عن مؤشرات الكفاءة البيانية للإنتاج والإستهلاك والمؤشرات النوعية للحياة البيئية وكذلك مؤشرات الموارد الطبيعية واخيرا مؤشرات التأثير لأدوات السياسة البيئية في الدولة واختيار تلك المؤشرات يعتمد عل توفر المعلومات والمعطيات الأساسية لذلك .
ولكي نتمكن من إعداد إستراتيجية محكمة للتنمية الخضراء في البلد يجب ان نهتم بإدارة البيانات وذلك بجمع المعلومات الإقتصادية والبيئية والإجتماعية وبناء قاعدة معلومات يستطيع مصمموا الإستراتيجية والغير الوصول اليها كما يجب ان نهتم ببناء القدرات والطاقات البشرية من خلال التعليم والتدريب والتأهيل لفريق العمل وذلك بتعزيز المعرفة بالإقتصاد الأخضر والإطلاع على تجارب الغير والإستفادة منها على ان تشمل الإستراتيجية قطاعات المياه والكهرباء والصناعة والنفايات والأبنية والإنشاءات والنقل والمواصلات وإستخدام الأراضي والزراعة والنفط والغاز .
ويجب ان تتحلى تلك الإستراتيجية بالموِّجهات الأساسية ومنها اقتصاد معرفي تنافسي , وتنمية اجتماعية و جودة حياة عالية,و البيئة المستدامة و تثمين الموارد الطبيعية ,و الطاقات النظيفة والتكيف مع تغير المناخ ,وكذلك الحياة الخضراء والإستخدام الامثل للموارد , وكل تلك الموجِّهات من اجل جودة لحياة الأفراد والرفاه في معيشتهم .
احمد محمود سعيد
البناء الأخضر للإستشارات البيئيّة
29 / 1 / 2016


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 37583
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم