بقلم : حسام غسان جميل الحنيطي
يترقب الناس قدوم شهر رمضان المبارك في كل عام قبل قدومه شوقا لما يضفيه من أجواء إيمانيّة جميلة ومشاعر تضامنيّة مرهفة ترافق فضيلة الصيام ، وكلما اقترب “رمضان” يبدأ الناس بحساب المدة الزمنية المتبقية له يوما بيوم وربما ساعة بساعة، وكلما اقترب أكثر يقع الناس – كما هي العادة- في جدال عبثي : هل سيتمم “شعبان” أيامه الثلاثين أم أنه سيفسح المجال أمام شقيقه مبكرا !
من يشاهد الأخبار سيدرك أن الصيام قد حل في وقت مبكّر هذا العام تحديدا في بلدة تقع في الشمال الغربي من مدينة دمشق، والتي لا تتجاوز مساحتها 94 كم2 اسمها ” مضايا “. فأهلها قد أمضوا أيامهم صياما قسريا لا مفرّ منه ، صياما متواصلا موصولا نهاره بليله ويومه باليوم التالي … صوما واجبا على الصغير والكبير والقادر وغير القادر … صوم جوع وعطش وبرد وسقم … لا إفطار بعد أذان المغرب ولا سحور قبل أذان الفجر اللهمّ إلا تلك الموائد التي تقدمها البنادق والمدافع وطائرات السوخوي التي تلقي عليهم وجبات الموت ! صياما لم يكن شهرا واحدا بل ستة أشهر وربما أكثر ، وهلال عيدهم يأبى الظهور لا سعيدا ولا غير سعيد !
على الطرف النقيض عندما نحاول رصد اهتمامات بعض وسائل الإعلام وصفحات الأخبار عن الشهر الفضيل – الذي يفصلنا عنه عدة شهور من الآن – سنجد أنها بدأت تترقّب بحذر الجزء الجديد لمسلسل باب الحارة وعمن سيقوم بدور العقيد أبو شهاب ، وعن برنامج فوازير رمضاني يبحث عن مذيعة تليق بضخامته ، وعما إذا كان رامز سينتج موسما جديدا لبرنامج مقالب إلى غير ذلك من المواد الرمضانية المرتقبة.
إلى أهل مضايا بمن “قضى نحبه” وبمن “ينتظر” الموت والذين ” لم يبدلوا تبديلا” :
جعتم طعاما لكنكم لم تجوعوا صبرا .. ظمئتم ماء لكنكم لم تظمأوا احتسابا .. فقدتم توهج الدفء لكنكم تشعون كرامة .. لا تخجلوا أبدا من ظهوركم عراة من ملابسكم وجلودكم ، فمن تآمر عليكم قد تعرى من إنسانيته وتكشفت سوءاته خزيا وعارا.

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا