حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 42725

للتكرم بالإطلاع مع الشكر!!

للتكرم بالإطلاع مع الشكر!!

للتكرم بالإطلاع مع الشكر!!

26-01-2016 10:04 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عصمت حداد
ذات يوم.. جاء سكرتير (ونستون تشرشل) متأخراً عن موعد عمله بدقيقتين، فاعتذر لهذا التأخير قائلاً: ما أهمية هاتين الدقيقتين؟!!، فقال له تشرشل: "ويحك يا بني.. أتظن أن هاتين الدقيقتين ليس لهما أي قيمة؟ أنا أستطيع أن أغيرَ العالم خلالَ دقيقتين".. صدقت يا تشرشل.. نحن ليست لدينا حاجة ورغبة لتغيير العالم.. وإنما لتغيير حكوماتنا ووزاراتنا ومؤسساتنا، فنحن لا نتحدث عن الدقائق والساعات، ولكننا نتحدثُ عن هؤلاء الذين يهدرون الوقت بسموم الحبر.

لا يخلو أي خطاب رسمي في مؤسساتنا من عبارة (للتكرم بالإطلاع مع الشكر)، فهذه العبارة المملة المُستهلكة هي الأكثر تداولاً وشيوعاً، والأوسع شهرةً وانتشاراً، والأقدم تطبيقاً في مراسلاتنا الورقية، حتى صارت وظيفة معظم المدراء وأنصاف المدراء وأرباعهم.. مقتصرة على هذه الكلمات المتحجرة المتكررة الموروثة من مخلفات التراكمات البدائية البليدة، كلماتٍ مانعةٍ مائعةٍ فارغةْ، لا تحمل أي معنى، ولا تمتلك قوة الحسم ولا الجزم، لكنها ظلت مترسبة في الأدمغةِ الخاويةْ،كلماتٍ مطاطيةٍ بلهاء لا تفعلُ شيئاً، وتواقيعَ لا تشتعل ولا تساعد على الاشتعال، ولا تنفعل ولا تساعد على الانفعال، كلماتٍ مُعادة تُختم بها طلباتنا وتُختتم بها، ثم ينتهي بها المطاف في سلال المهملات.

فكم من موظفين ومدراءَ التحقوا بالخدمة في عنفوان شبابهم..كانوا مهووسين بتقديس هذه الجملة الغير مفيدة، حتى أدمنوا عليها، فتفننوا في كتابتها بكل الخطوط.. وحفروها بمعاول أقلامهم الآلية الجامدة، أكداس من الملفات المعطلة، وأطنان من الكتب الرسمية المؤجلة، ورفوف فوقها رفوفٌ.. تتشابك هرمياً وعشوائياً في سقوف الخزانات المتخمة بالأوراق والأضابيرْ، كلها تحمل بين طياتها ملايين التواقيع المُذيَّلَةِ (للتكرم بالإطلاع مع الشكر).

ينتابنا شعور بالإحباط والإخفاق والفشل.. كلما لمحنا مفرداتها الباهتةِ، فنتذمر كثيراً من تسببها بتشويه حواشي خطاباتنا الرسمية، ونحزن كثيراً عندما نرى ظلالها الثقيلة ملتصقةً فوق طلباتنا اليومية المرفوضةْ.. أنها جملة واحدة تتألف من بضعة كلمات مستفزة، ظلت تحوم في أروقة دوائرنا الحكومية منذ عقود وعقود، وكأن التأجيل والتسويف يُعبران عن رغبة قديمة في استبطان تعطيل نمونا الإداري المرتقب، أو يعكسان نوايا مدفونةً تستهدف شَلَّ حركتنا الطبيعية المتحفزة نحو تحقيق المقاصد التطويرية المنشودة، أحيانا نراها مترجَمَةً بلغة التخلف الإداري، فيكتبونها هكذا: (لإجراء اللازم مع التقدير)، أو(لإجراء ما ترونه مناسباً)، والتي تعكسُ ضعفَ المسؤول وعجزهْ، وغالباً ما يكبلونها بالقيود .. فيكتبونها هكذا: (إجراء اللازم وحسب الأصول..لطفاً)، وهنا أتسال..هل استعمل اليابانيون هذه الجمل الببغاوية..عندما أعادوا بناء اليابان بعد هزيمتهم، فرق وأسع بين نحن..وهمْ ؛ فالأعمال تجري هناك بمرونة تامة، بموجب المخططات الانسيابية المرسومة سلفاً، وتُنجز على الوجه الأكمل في ظل المصلحة الوطنية ومصلحة المواطن أولاً.

المدراء هناك.. لا يتسلقون أشجار المناصب العليا.. عن طريق القفزات الشمبانزية الوصولية، ولا عن طريق التهافت والتكالب.. لخطف الفرص الانتهازية، ولا عن طريق الواسطة والمحسوبية، بل عن طريق التوصيف النوعي المستوفي لشروط المؤهلات الفردية الواعدةْ، فالشخص المناسب.. ينبغي أن يكون في المكان المناسب، وقرارات التفعيل الصائبة.. تَصْدُرُ مباشرة من أصحاب الكفاءات والخبرات النادرةِ، ولا مجال هناك للمحاباة والمجاملات والولاءات.

إذاً لابد من تغيير ما في أنفسنا وأفكارنا ومناهجنا إلى الأفضل.. ما دام التغيير سُنةٌ من سنن الحياة، وإلا فإن التغيير سيكون نحو الأسوأ، وأنا أدركُ بأن كلامي هذا لن يُجدِ نفعاً.. لذلك سَتُحفظ كي يعاد النظر بها لاحقاً.

" والله وأعلم متى لاحقاً "


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 42725
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم