حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 56692

ما هي أسباب ظهور حوادث الانتحار حرقاً في الآونة الأخيرة ؟

ما هي أسباب ظهور حوادث الانتحار حرقاً في الآونة الأخيرة ؟

ما هي أسباب ظهور حوادث الانتحار حرقاً في الآونة الأخيرة ؟

26-11-2015 12:52 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا- تعتبر حوادث الانتحار حرقا دخيلة على المجتمع الأردني، وبالرغم من أنها لا تُعد ظاهرة إلا أن خبراء أكدوا ضرورة الوقوف على كل حالة بشكل مطول، ووضع حلول جادة.
وبحسب إحصائيات تم رصدها فإنه ومنذ إقدام التونسي محمد البوعزيزي على إحراق نفسه نهاية العام 2010، سُجّلت في المملكة قرابة العشرين حالة مماثلة، توفي العديد من الأشخاص بسببها، فيما أصيب البقية بحروق كبيرة.
وبالإضافة إلى ما سبق، هدّد عشرات المواطنين على فترات متفاوتة في منذ اندلاع ثورات "الربيع العربي" بإحراق أنفسهم؛ احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.
وبالرغم من أنها ليست الأولى في الأردن، إلا أن حادثة "روبين" تعد الأبرز في حوادث الانتحار حرقا، حيث أقدم الشاب أحمد روبين منتصف العام 2013 على إحراق نفسه أمام مبنى وزارة التنمية الاجتماعية؛ بسبب رفض وزيرة التنمية مقابلته.
وبعد حادثة "روبين"، هدّد العديد من منتسبي دور الرعاية الاجتماعية بإحراق أنفسهم؛ بسبب سوء المعاملة التي يتلقّونها، ورفض المسؤولين لقاءهم، وفق قولهم.
وتوسّعت رقعة التهديد لتصل إلى مواطنين آخرين، حيث برز منهم أحد ملّاك المطاعم السياحية في العاصمة عمّان الذي اعتصم أمام وزارة السياحة، مهددا بإحراق نفسه؛ بسبب إغلاق مطعمه من قبل الوزارة.
وكان شاب من بلدة الحدادة في جرش أقدم على إحراق نفسه، فيما أقدم مواطن ثلاثيني منتصف العام 2012 على حرق نفسه في شارع مكة، وهو يتجول بعدة فواتير كهرباء مستحقة عليه،؛ في إشارة إلى عدم قدرته على سدادها.
ولاحظت "السبيل" أن حالات إحراق النفس، أو التهديد بذلك، ارتفعت منذ حادثة "روبين"، ففي تشرين الأول من العام 2013 أقدم مواطن في العقبة على إحراق نفسه، بحجة إزالته بسطته من قبل البلدية، وتوفي لاحقا بسبب الحروق البالغة في جسده.
وقال ناشطون إن "حادثة روبين شجّعت العديد من المصابين باليأس، على إحراق أنفسهم، وانتشرت حينها ظاهرة التهديد بحرق النفس على أسباب لا تستحق، وأبرزها إقدام سائق يعمل في مكتب تنمية دير علا بمحافظة البلقاء على حمل زجاجة بنزيل، والتهديد بإشعال النار في نفسه؛ بسبب نقله إلى الشونة الجنوبية عكس رغبته".
كما أشعل وافد سوري يبلغ من العمر 43 عاما النار في نفسه أثناء سيره بوادي صقرة في عمّان؛ بسبب ما قال إنها خلافات مستمرة تحصل بينه وبين زوجته.
بالإضافة إلى قيام حارس مدرسة في محافظة معان باقتحام مبنى مدير التربية في المحافظة، ومحاولة إشعال النار في نفسه؛ بحجة إيقاف راتبه بسب تغيبه عن العمل، إلا أن موظفي المديرية سيطروا على الحريق قبل أن ينتشر في جسد الشاب.

وبدا لافتا أنه ومع بداية العام 2014 انخفضت حالات الانتحار حرقا، أو التهديد بها إلى أدنى مستوياتها مقارنة بمنتصف العام 2013، وبقي الركود في هذا الجانب إلى غاية الشهور الأخيرة من العام الجاري الذي شهد ازديادا ملحوظا في هذا النوع من الانتحار.

وكان من أبرز الحالات التي سجّلت عام 2014، قيام أحد المواطنين في محافظة المفرق بحرق نفسه؛ بسبب خلافات عائلية بينه وبين أحد أفراد أسرته، أصيب بسببها بحروق بالغة أقعدته لعدة شهور في العناية المركزة.

وهو ذات الحال الذي يعاني منه أحد المواطنين في لواء الهاشمية بالزرقاء، حيث أقدم في أيلول من العام الماضي على إحراق نفسه؛ بسبب ضائقة مالية مرّ بها.
ومن الحالات اللافتة في 2014، قيام أحد المواطنين في بلدة الطرّة التابعة للرمثا بإحراق نفسها؛ تفاديا للإمساك به من قبل الأجهزة الأمنية أثناء مطاردته.
الأشهر الخمسة الأخيرة شهدت أكبر موجة من حالات إحراق النفس في الأردن منذ العام 2011، حيث رصدت "السبيل" خمسة حالات إحراق للنفس، أي بمعدل حالة واحدة كل شهر، وهو رقم لم يسبق تسجيله في المجتمع الأردني من قبل.

ففي السلط، أقدم شاب على إشعال النيران في قدميه، تبعه شاب آخر في إربد، إلا أن الأخير فارق الحياة؛ بسبب انتشار الحروق في جسده.

ومما برز في الفترة الأخيرة، إقدام مسن ستيني على إشعال النار في نفسه بمنطقة المقابلين أمام كاميرا أحد المواطنين، في مشهد أثار استياء وحزن عامة الشعب الأردني لما آل إليه المسن الستيني.

الحادثة الأبرز، والأكثر إيلاما خلال السنوات الماضية في جانب "حرق النفس"، هي ما قام به مواطن نهاية شهر تشرين الأول، حيث أقدم على إشعال النيران داخل سيارته قرب مكب الغباوي في منطقة البيضاء شرقي عمّان ما تسبب بوفاته، ووفاة زوجته وطفليهما، فيما أصيب طفان آخران بحروق بالغة.

كما جلب أحد المواطنين أبناءه وسط البلد مهددا بإحراق نفسه بسبب نقله المتكرر من العمل، إلا أن وعودا تلقاها من أحد المسؤولين حالت دون إحراق نفسه وأطفاله، وفق قوله.

وقام شاب في مخيم البقعة، بداية الشهر الحالي، بسكب الكاز على نفسه أمام وزيرة التنمية الاجتماعية ريم أبو حسان، حيث حاول إشعال النار بنفسه، إلا أن تدخل مواطنين أنقذ حياته.

وحول هذه الظاهرة تتفاوت الاراء حيث قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء الدكتور حسين الخزاعي قال في حديثه إن "الإنسان يلجأ للانتحار عندما يفقد الأمل في ثلاث قضايا، وهي النفس، والمحيط (الأهل، المؤسسات، الدولة)، وفي المستقبل".

وأوضح الخزاعي أن "العامل الديني يحد من ظاهرة الانتحار في بلداننا الإسلامية"، مضيفا: "الله سبحانه وتعالى حرّم إيذاء النفس، ولكن البعض يقدم على ذلك بسبب عوامل نفسية، كالاكتئاب، والاكتئاب الشديد".
وتابع: "الاكتئاب الشديد هو أن يرى الشخص الدنيا أمامه باللون الأسود فقط، تصبح الحياة بلا طعم، ويصبح متقبلا لفعل أي شيء في نفسه".

وبالرغم من كون حالات الحرق لا ترتقي لمسمى "ظاهرة"، إلا أن الدكتور الخزاعي قال إن "ليس من الضروري أن تصبح ظاهرة لكي نعالجها، وهنا يجب التوقف عند كل حالة على حدة، ودراسة طرق علاجها، وتفاديها بالمرات القادمة".
وأكمل: "الأمر أصبح مقلقا، تخطى سقف حالات الانتحار المائة حالة خلال عام، عشرون بالمائة منها من العاطلين من العمل، فيجب إيجاد وعي من الجميع؛ لأن أي حالة انتحار عار على المجتمع".

وأضاف: "الانتحار يعني رفض الشخص للمجتمع، يعني عدم قدرة المجتمع على حل مشاكل المنتحر في الغالب، وهذا من اختصاص جل المؤسسات الحكومية والخاصة، والإعلام وغيره".

وحول سؤاله عن الانتحار حرقا، بدلا من استخدام طرق أسهل، قال الخزاعي: "الانتحار حرقا يأتي بقصد إشهار الانتحار، والانتقام من الآخرين، لذا من ينتحر بهذه الطريقة سيبقى ذووه يذوقون أصناف العذاب طيلة حياتهم".
وفي تحذيره من خطورة الإقدام على الانتحار، قال الدكتور الخزاعي: "المنتحر يضع نفسه مكان الله عز وجل، ويقوم بتعذيب نفسه وقتلها رغم الآيات والأحاديث التي تحرّم ذلك".

العميد المتقاعد من الأمن العام حسين الطراونة، تحدث ان بروز حالات الانتحار حرقا، قائلا إنها دخيلة على المجتمع الأردني، ولم تكن تحدث في السابق.
وأوضح الطراونة أن "حالات الانتحار حرقا قليلة جدا قياسا بحالات الانتحار بكافة أشكالها في الأردن، كتناول السموم، والأدوية بإفراط، وجرح الوريد، ورمي النفس من شاهق وغيرها".

وفي تفسيره للسبب الذي يدفع الشخص لحرق نفسه، قال الطراونة: "في هذه الحالة يكون الشخص في ضعف أمام نفسه، ولا يستطيع تقديم أي شيء لها".
وفي رسالته إلى المصابين بالاكتئاب، ممن يفكرون في الإقدام على الانتحار، قال العميد الطراونة: "الله عز وجل حرّم هذا الفعل بشكل صريح، والرسول عليه الصلاة والسلام قال عن المنتحرين (مَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً)".
وبالرغم مما سبق، أكد العميد الطراونة أن "حالات الانتحار في بلداننا أقل بكثير من الدول الأوروبية، ولا سيما الاسكندافية منها بالرغم من التطور، والترف الذي يعيشون فيه".

وأضاف: "نحن نسير على ديننا الإسلام، ونتعامل مع الروح والجسد، لكنهم يتعاملون مع الجسد فقط".

وعن الطريقة التي تتعامل بها الأجهزة الأمنية مع المقدمين على الانتحار، قال الطراونة: "الأمن يحاول بكل ما أوتي من وسائل أن يمنع المقدمين على الانتحار، ثم يتم تحويلهم إلى الجهات المختصة، وهو يطبق المبدأ الذي أنشئ عليه في منع الجريمة قبل وقوعها".

وتابع: "في القانون المدني لا توجد عقوبة لمن يحاول الانتحار، أما في القانون العسكري فيتم معاقبة من يفعل ذلك، وغالبا ما ترسل ملفات محاولة الانتحار للقضاء على أنها قضاء وقدر".
وختم العميد الطراونة حديثه بالتأكيد أن وزارة الأوقاف، ووزارة التنمية الاجتماعية، وزارة الصحة، والمؤسسات التنموية وغيرها، يتحملون عبئا كبيرا من مسؤولية الحد من حالات الانتحار في الأردن، ومن الخطأ تحميل جهة واحدة بعينها كامل المسؤولية.
"السبيل" حاورت أحد المواطنين الذين حاولوا الانتحار حرقا في عدة مرات سابقة، وما تزال الفكرة جدية لديه، بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها.
المواطن عماد القرالة ابن الثلاثين ربيعا، ووالد طفلين، قال لـ"السبيل" إن قصته تعود حينما تم فصله من العمل في إحدى المؤسسات التابعة للدولة؛ بسبب مشاركته في الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح السياسي، وتخفيض أسعار المحروقات.
وأضاف: "منذ فصلي قبل عامين لم أجد عملا، وحاولت مقابلة المسؤولين المختصين، أو نواب البرلمان دون جدوى، والآن لا أستطيع دفع إيجار بيتي البالغ 150 دينارا، بالإضافة إلى عجزي عن سداد مستحقات البنك البالغة قيمتها 2800 دينار".
وتابع: "ما زلت أفكر بإحراق نفسي، وكنت قد هممت بالانتحار مرتين، إلا أن الصحفيين أثنوني في المرة الأولى، ومجموعة من المواطنين في المرة الثانية التي صعدت فيها إلى أعلى مئذنة مسجد".
وبسبب ظروفه المعيشية الصعبة التي لا تمكنه من شراء الخبز، وفق قوله، قال القرالة إنه طلّق زوجته لعدم قدرته على الصرف عليها.
وختم: "ماذا أفعل، اعتصمت سلميا وحطيت كوشوك بشارع، وسجنوني بسجن الهاشمية بالزرقاء 16 يوما بتهمة إعاقة المرور، وإزعاج السلطات العليا، وإن استمر وضعي على هذا الحال سأقوم بإحراق نفسي".

نقلا عن صحيفة السبيل


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 56692

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم