حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 19601

فلسطين تتحرر أبيض أسود

فلسطين تتحرر أبيض أسود

فلسطين تتحرر أبيض أسود

11-10-2015 10:09 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم :
حينما يغني الفلسطيني بجانب قبر شهيد !! أو يجلس مترنما ً بمواويل نائحة وهو يتمايل برأسه والدموع تغرق حجر الشاهد ، فما ذلك سوى تقليد فلسطيني تاريخي لكل الفئات في الوطن !! وحينما تزغرد الأم أمام خبر استشهاد أبنها الشاب ، وفلذة كبدها الحبيب ، وترفع ياقة الشاشة البيضاء عاليا ً ملوحة ، فما ذلك بالحزن العادي في البشر ، وما تلك بأم عادية …. !
وحينما يلوح الرجال والشباب بالكوفيات السوداء والبيضاء فما ذلك سوى أعظم برهان على اللونين اللذين لا ثالث لهما في العذاب والحياة الفلسطينية ! فهل استغل الأعداء الصهاينة هذا الصبر والاحتمال الاسطوري عند شعب فلسطين ليسوغوا القتل وبرمجة الاغتيالات تحت قائمة ( مطلوبين ؟؟؟ ) وان الأجساد الشابة والأرواح تلك اضحت عبارة عن حالة استعداد للرحيل بدون خوف وشعور أو ألم ؟
وهل أنتج الصبر والغناء بجانب قبور الشهداء وفي محافل رحيلهم ردود فعل أكثر عدوانية ووحشية عند الجيش الإسرائيلي تبرد القتل والحرق والتدمير وترش عليه سكر الزغاريد الفلسطينية ؟ ؟

لا أدري … فهل اخطأ الشعب الفلسطيني وهل اخطأت الأمهات والاخوات اللواتي صنعن هذا التقليد العرائسي للكارثة الدامية بدل التقليد الجنائزي المتعارف عليه ؟
أم تلك هي أغنية شعب أدمن العذاب ولم يستمرئه . ؟
فماذا لو كان الرد حال الشهادة بعكس الزغرودة ، أو لهب الألم ؟؟ سيكون بالتأكيد صراخاً أو تمزيعاً للثوب ولطم الخدود والبكاء المرير . وذلك بعيد عن شعب لا توسط بينه له الصدر دون العالمين أو القبر … !فكما تقول الشاعرة الفلسطينية أنا عائشة الخواجا الرازم ( لا تمزعي يا خالتي من قبة الثوب المطرز قطعة … هذا لنا عين الوهن ….
وقف الشباب وكبروا ..
الله اكبر يا تصاريف الزمان الممتهن …
أو ما سمعت غناءهم لما توسطهم حسن ؟
قد شقت الأرض استحالت هزة لما أتوك بدبكة ..
وتحلقوا حول الشهيد … تهادروا دحية .
. يا صوت نبض رفاقه سمى عليه من الردى فأبى شحوب الوجه وازدان احتقن !!!!

وهل أعظم من هذا التعبير عن شعب يمور في الحياة والموت والنغم الحزين كل لحظة ؟
نعم … تلك هي الرؤى والنظريات السياسية للفقد والكارثة عند الشعب الفلسطيني ، فهل تستطيع قوة في الوجود تغيير هذا النمط ؟ الدبكة والزغرودة والدحية وعدم تمزيع الثوب واللطم على وجه الشهداء ؟ يا رب ما أعظم الصبر !!!

وما استجابة العذاب في نفوس الأمهات والآباء والأخوة والأخوات بهذه الطريقة ، إلا َّتمايزاً في نوع الوجع وحجمه ، فشعب فلسطين لم يستمرئ العذاب والقهركما تدعي إسرائيل .. ولم يستمتع بالموت والفقد !! وكل المنطقة مطرَّزة بتمايز المأساة ، فمأساة اسمها ملهاة ، عرف أهلها كيف يؤرخون لأنفسهم داخل السواد والبياض فقط.

فالحزن ليس عاديا ، وأفراد الشعب يدركون أنهم الدافعون للثمن ضمن أتون الثورة ، وتقديس الأرض ليس عاديا ً، بدليل تعميدهم في كل لحظة للأرض بالدماء ، !
والدماء مشهدها مرعب حينما تفور من الجسد وأي شخص ومهما بلغ من البطولة والقوة ترعبه الدماء !!
وشعب فلسطين أيضا تخيفه الدماء وترجف له العيون ذعرا ً وألما ً حينما تراه . والدماء حال فورانها من جسده كل يوم وانغراس الوجع والألم كل لحظة في هذا الجسد ، جعل منه سماء الولوج نحو نفقين تتجه في غورهما الروح الفلسطينية الوثابة الصبورة . لأن الهروب حرام ، والخروج حرام ، والأفول من النار محاصر بنار ، وأضحت حياته طوا ل التاريخ رهينة الزمن ، مثل حجر لعبة النرد ( الزهر ) فهي نفقان أحدهما أسود والآخر أبيض …. النفق الملوم عليه وهو النفق الأبيض والنفق اللائم عليه وهو النفق الأسود !!!
والنفقان هما طريق شعب فلسطين !! لا لون ثالث لهما ! فإن بكى قيل ويله بكى … وإن غرد قيل ويله استمرأ العذاب وأدمنه … وأصبح ساديا!

وما بشارة ا لتاريخ بأعرق واحدث وأجمل ما انتجته أنامل النسيج ملابس للرأس . إلا أكبر برهان على قدر اللونين الحزينين ، الحزن الأبيض والحزن الأسود !! لذلك يجلس العالم يراقب نكهة الزمن !! فالزمن هو الرهان الأوحد على مساندة شعب فلسطين والكل في غياب الغيهب عنه !
ولهذا أدرك الفلسطيني أنه يخلق ملهاته بنفسه حينما تغرد الكوفية السوداء والبيضاء على هامته . ويرفعها على شمس الحياة ، أسود وأبيض ولكنه في نفس الوقت مرهون للخطر والدم ، مودعاً أحباءه وراشا ً عليهم تراب الأرض التي يرويها بدمه فلا يمل الابتكار والغناء ولا يمل إطلاق الزغا ريد أبداً . فلا بديل سوى المأساة ( الملهاة ) وليس أبلغ من أغنيته الدائمة ( الخضراء ) التي تغنيها كل نساء فلسطين وهن يحاولن إضافة لون مخضر عسى الله يرسل الحياة من علمه لشعب حياته وقدره أسود أبيض :

( والله لازرعك في الدار ياعود اللوز الأخضر ... واروي هالأرض بدمي تتنور فيها وتكبر ….إذن لا مجال غير الأرض العنوة والغنوة !!

فهل صحيح أن شعب فلسطين يحتاج لتبرير زغاريده وأغانيه في الملمات والدماء…؟؟
فكيف يبرر زغاريده وهو الذي أدمن الأسود والأبيض !!؟
وهو يدرك أن حياته عبارة عن حجر النرد الأسود والأبيض ، وهذا حجر الزهر هو علاقة الزمن بالحجر . فالأبيض نهاره والأسود ليله . وليله ونهاره متداوران عليه . والزمن فقط رهانه الأول والأخير وليس أبلغ من حجر الثورة لو تأملنا بمعنى حجر الزهر ، والزمن المرسوم بالإنتظار !! إنه شعب فلسطين الملتف بين الأمل والألم ....


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 19601
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم