حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,25 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 87511

( شو بدي أتذكر منك يا سَفَرْجل !! )

( شو بدي أتذكر منك يا سَفَرْجل !! )

( شو بدي أتذكر منك يا سَفَرْجل !! )

10-10-2015 10:19 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عصمت حداد
في هذا الوقت من السنة.. بين شهري تشرين الأول و كانون الأول.. يبدأ موسم السفرجل، ويكثر وجوده في الأسواق، هذه الفاكهة الخريفية.. من الصعب وجودها في الفصول الأخرى، والسفرجل لمن لا يعرفه.. شجرة معمرة متساقطة الأوراق، تنتمي إلى فصيلة أشجار التفاحيات.. أغصانها ملتوية، و ثمراتها مجعدة السطح.. ذات أحجام مختلفة.. منتفخة.. منبعجة، لونها أخضر إلى أصفر فاتح.. ويتحول إلى برتقالي عند طبخه أو تعرضه للحرارة أو للضغط الشديد !! ، أما طعمها " العلقمي" .. فربما كان السبب في أنها لم تلق شعبية كمثيلاتها في الشكل.. مثل التفاح والكمثرى، رغم أنها تعتبر فاكهة طبية ومهمة منذ قديم الزمان.

ذات مرة.. أطعمتني جدتي حبة سفرجل، وكانت دائما - رحمها الله - تأكلها بشراهة، وأنا أمعن النظر إليها.. أحببت خوض التجربة بتذوقِ هذه الفاكههْ.. بعد أن قالت لي بأنها حلوة المذاق، تفاجئت بعد تذوقها..بطعمٍ غيرَ مستساغٍ.. شديد المرورةِ.. لاذع، عندها ضحكتْ ساخرة مني.. وقالت: عليك أن تدركَ بأن الدنيا قد تذيقك حلوها.. وأحيانا قد تطعمكَ مُرَّها.. ألم تسمع المثلَ الدارِجْ : " شو بدي أتذكر منك يا سفرجل كل عضّه بغصة!! ".. أجبتها : نعم.. سمعت بهذا المثل كثيرا.. لكنني لم أدرك معناه إلا عندما تذوَّقْتُ السفرجل.. كانَ ذلكَ عندما شعرتُ بقساوةِ الحبةِ، وبِجفافٍ شديدٍ في الحلقِ عندما حاولتُ ابتلاعه.. فلم أستطيع تحملهُ.. وبدأتُ أشعر بغصةٍ قويةٍ و اختناق.

وها قد بدأَ موسم السفرجل، ولكن ثمة تشابهٌ غريبُ بين تزامن هذا الخريفِ.. وبينَ ظهور وتصريح بعض النخب السياسية العتيقة الفاشلة.. وهم يزفون لنا بشائر العودةِ إلى الحياة السياسيةِ.. سيما وأن أيام مجلس الأمة والحكومة بدأت تأخذ لون الخريف، بينما يشتد الصراع بين الأطراف السياسية بشأن قانون الانتخابات؛ فلقد لاحظنا جميعاً مساعٍ حثيثة تبذلها بعض الوجوه القديمة والنخب السياسية المعطوبة التي لم تقدم شيئا.. والتي كانت أحد الأسباب الرئيسةِ في انتكاسة الوضع الاقتصادي وتصاعد الإحباط لدى المواطنين..وجوه كانت تتبوأُ مناصبَ في أجهزة تنفيذية أثبتت فشلها وأثارت الرأي العام ضدها، أخذت بالبروز إلى وسائل الإعلام مرة أخرى، بعد أن ابتعدوا مدة من الزمن.

بضرسٍ قاطع استطيع القولَ بِأن هؤلاءِ هم أصحاب الوجوه السفرجلية الصفراء الذي تجرع الوطن منهم العلقمْ.. هؤلاء الذين تراكم عليهم غبار الزمن ونحسبهم قد فارقوا الحياة، واعتزلوا الرقص على الحبال، وغادروا المسرح السياسي.. هؤلاء الذين لا يعرفون غير لغة الـ "أنا".. المصابون بمرض الاستحواذ وتهميش الأخر ..هؤلاء الذين جعلوا الوطن بقرة حلوباً لهم..ولا يريدون أن يشاركهم أحدٌ في "الكعكة" السياسية..هم شريحةٌ تعاني عقداً منذ الولادة..شريحةٌ تختفي وراء أقنعةٍ ووجوهٍ زائفةٍ وأسماءٍ مستعارة، تنهش من جسد الوطن والمواطنين.

يا أبناء وطني الشرفاء: انتبهوا قليلا، وتأملوا كثيرا، وتوقفوا عند كل مهمٍ، وتمعنوا.. الأردن اليوم.. في أمسِّ الحاجة إلى رجال يتمتعون بالغيرة والحمية الوطنية، ولا يحتاج إلى من يرفع شعارات يسعى بها إلى خداع الناس المغيبين عن الوعي، والضحك على ذقونهم وعقولهم.. انتبهوا ؛ فقد بات جلياً اليوم أن نهج هؤلاء المستحوذين يستند إلى المصلحة الذاتية لا إلى مصلحة الشعب، والى المناطق.. لا إلى الوطن والمواطنة، والى المحسوبية.. لا إلى الكفاءة، والى التخندق خلف متاريس الاستئثار.. لا إلى الظهور في فضاء الشفافية، والى الادعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة وتهميش وإقصاء الآخرين.. لا إلى الاعتراف بتعددية الرأي والنقد والحوار المنفتح وتفاعل الأفكار.

أيها السَفَارِجُ : هل انتم تفكرون وانتم بوضع طبيعي؟ هل انتم تعيشون في كوكب آخر؟ وهل صممتم آذانكم ؟.. ألم تفهموا رسائل قائد الوطن المعظم وإصراره على الإصلاح الشامل ؟ هل هناك غشاوة على وجوهكم؟ هل تعون ظروف الشعب الآن ؟.. ألستم أنتم من أوصل الوطن لما نحن فيه اليوم ؟ متى تستيقظون من نومكم وتفيقون ؟ ألستم من أوعد الشعب بالسلام والأمان والعيش الرغيد ؟ ألستم أنتم من قلتم انتظرونا وسترون وها نحن انتظرناكم، فوجدنا الفقر ساكناً بين جنباتنا، ووجدنا جيوبكم ممتلئة بأموال وخيرات الشعب؟!! أليسَ أنتم من دعُوا لمحاربةِ الفاسدين ؟ ألم تكن هذه وعودكم ؟ ألم تكن هذه كلماتكم ؟!! أين انتم من كل تلك الوعود ؟؟!!

بالفم الملآن أقول لكل : سَفْرجالَ منكم ..كفوا بشائِركم عن هذا الشعبِ، ولا تقفوا كحجرِ عثرةٍ في طريق شباب الوطن وأحلامهم وإنجازاتهم ومستقبلهم ؛ فالمجتمع الأردني يحتاج إلى نخب سياسية ترقى إلى المرتبة الإنسانية التي تجعلهم أكبر من المنفعة الآنية وملذاتها.. مهما كان نوعها أو شكلها وحجمها، ابعدوا شروركم وسفرجلية عقولكم عنا.. فقد شربنا من حنظلكم كثيراً.. وشبعنا من علقمكم حتى سئمنا منكم، لقد أصبحت أسماؤكم تثير في أنفسنا.. مكامن الكآبة والألم، كفاكم عبثاً بمقدرات الوطن .. هذا الشعب لن يلدغ من حِجرهِ عشرات المرات، ولم يعد يقبل أن يعيش معكم بعد اليوم بغصةٍ تلو الغصهْ، هذا الشعبُ – بعد اليوم - لن يقبلَ بأنْ تبقى حياته بطعم السفرجل.




لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 87511
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم