حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,25 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 19658

السلطان العثماني والقيصر الروسي

السلطان العثماني والقيصر الروسي

السلطان العثماني والقيصر الروسي

08-10-2015 12:03 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : رؤى عربيات
بدأ الانخراط العسكري الروسي في الملف السوري تحت عنوان محاربة إرهاب تنظيم الدولة على الأراضي السورية يزيد الأعباء التي أصبحت تثقل كاهل تركيا العدو المناوئ لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، الأمر الذي دفع بأركان النظام التركي الرسمي أن يخرجوا على كل الفضائيات في محاولة لحشد رأي عام إقليمي ودولي لثني موسكو عن دعم نظام الأسد والقضاء على أعدائه ومعارضيه.
رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان وفي اللقاء الذي أجرته معه قناة الجزيرة قبل أيام، قال إنه: (سيعبر لبوتين عن انزعاجه من الغارات الروسية وسيطلب من روسيا باعتبارها دولة صديقة إعادة النظر في الإجراءات التي اتخذتها لأن تركيا وليس روسيا هي الدولة الأكثر معاناة مما يحصل)، ومن جانبه عبّر رئيس الوزراء التركي عن قلقه من التدخل الروسي قائلاً: "لقد أخذوا الموضوع إلى الأرض، هذا خطير جداً، نحن نراقب بقلق كبير".
تدرك تركيا جيدا أن اللعب مع الدب الروسي أمر محفوف بالمخاطر ولا يمكن لأحد أن يتوقع إلى أين يمكن أن يفضي، ولذلك آثر الأتراك أن تكون الدبلوماسية والرسائل الإعلامية الخافتة هي الوسائل الأكثر أمانا في التعاطي مع روسيا وقيصرها العنيد، خصوصا أن داعمي تركيا الدوليين والإقليميين ليس لديهم استعداد لتحمل التكاليف الباهظة التي يمكن أن تترتب على التصادم مع موسكو، مع أن هذه الدول لديها التخوفات نفسها من شطحات وريثة القطب السوفياتي القديم العائد إلى الساحة الدولية بقوة وفي أكثر من ملف.
إن الأهمية الجيوسياسية لسوريا بالنسبة لتركيا، المشتركتان بحدود تصل إلى أكثر من 900كم، تجعلها أحيانا تُبدي انزعاجا محسوبا من محاولات الروس ترجيح كفة النظام السوري على معارضيه، ومن ذلك تفتيش الطائرات التي تعبر الأجواء التركية ومصادرة أية حمولة عسكرية موجهة لنظام الأسد، وربما كانت هذه الخطوة استجابة لضغوط الدول الحليفة أكثر منها رغبةً تركية في تعطيل آلة التدخل الروسي في سوريا، ليس محبة في النظام السوري لكن بالتأكيد خوفا من التصعيد مع الروس.
إن المتمعن في ملامح صورة العلاقة التركية الروسية لا بد وأن يدرك أن قدرة تركيا على المجابهة مسقوفة بعدة محددات منها:
• الاعتماد في مجال الطاقة على النفط والغاز الروسيين، فشركة غاز بروم الروسية وحدها تزود تركيا بحوالي 57% من إمدادات الغاز التي تحتاجها البلاد، وإذا ما قمنا بإضافة واردات تركيا من الغاز الإيراني التي تبلغ 20% إليها فسترتفع النسبة إلى 77%، هذا يعني أن تركيا تعتمد في استيراد حاجات البلاد من الغاز على روسيا وإيران بشكل أساسي وهو عنصّر مقوّض لأمن الطاقة التركي خاصّة أنّ الأمر لا يختلف كثيراً فيما يتعلق بالنفط، إذ تستورد تركيا من كل من إيران والعراق وروسيا حوالي 56% من إمدادات النفط الخارجية التي تحتاج إليها. وفي ظل غياب بدائل عملية، فإن الحسابات المتعلقة بأمن الطاقة التركيّة تكون حاضرة دوماً عندما يتعلق الأمر بالموقف من موسكو.
• حجم التبادل التجاري بين أنقرة وموسكو: يبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وروسيا وفقاً لأرقام العام 2014 حوالي 33 مليار دولار، وتعتبر روسيا ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا. في سبتمبر الماضي وقع البلدان على اتفاقية تتيح لهما تعزيز التبادل التجاري ورفع حجمه إلى حدود 100 مليار دولار بحلول عام 2020. وإذا ما أضفنا إيران والعراق بصفتهما أعضاء أيضاً في محور مع موسكو حالياً إلى المعادلة، فهذا يعني أن موقفاً صدامياً تركياً مع هذه البلدان يجب أن يأخذ بعين الاعتبار زيادة المشاكل الاقتصادية التركية المحتملة على اعتبار أنّ إيران هي خامس أكبر شريك تجاري لأنقرة فيما يأتي العراق في المرتبة السادسة
لقد كان التحرك الروسي حقيقة في أوكرانيا في العام 2014 واحتلال شبه جزيرة القرم وضمها إلى الأراضي الروسية اختباراً لمدى قدرة أنقرة على تصعيد مواقفها من موسكو نظراً لما لشبه جزيرة القرم من أهمّية في التاريخ التركي خاصة ما يتعلق بالمسلمين (التتار –الترك) هناك، فعندما فرضت الولايات المتحدة والدول الأوروبية عقوبات على موسكو بسبب احتلالها لشبه جزيرة القرم وضمها إليها، امتنعت أنقرة عن المشاركة في هذه العقوبات، صحيح أنّ أنقرة أدانت الخطوة الروسية مراراً وتكراراً لكن لهجة الخطاب الذي اعتمدته تركيا في إدانة التحرك الروسي بقيت معتدلة إلى حد ما. الأسباب الأساسية التي منعت تركيا من أن تكون أكثر حدّة، هي نفسها التي ذكرناها في بداية المقال. ما حصل هو أنّه وبسبب المعطيات لم يكن لدى تركيا مجال متاح للمناورة أو التصعيد في وجه روسيا، واختارت بدلاً من ذلك الانخراط الإيجابي مع موسكو على أمل أن تبقى قريبة من الموضع وتخدم قضية التتار وحقوقهم من خلال النصائح المرسلة أو من خلال التواجد في الملف عبر البوابة الروسية.
في بداية الأزمة السورية كانت أنقرة في وضع أفضل بكثير من ناحية المعطيات الداخلية والخارجية، الإقليمية والدولية وكذلك بالنسبة إلى التطورات داخل سوريا، وقد كان هذا حقيقة بمثابة فرصة ضائعة لم تحسن أنقرة استغلالها، فتحرّكت في الحد الأدنى.
يقتصر رد الفعل التركي حتى الآن على التعبير عن "قلق عميق"، و"إدانة التحرّك الروسي" والتحذير "من أن تدخل روسيا سيزيد الأمور سوءاً". عملياً لم يتم وضع تصور لكيفية مواجهة هذا التصعيد الروسي المصحوب أيضاً بتصعيد لكل من نظام الملالي والأسد. أوراق الضغط التركية على روسيا محدودة الآن للغاية، وباستثناء إمكانية إعادة الالتزام بدعم المعارضة السورية سياسياً وعسكرياً فإنها تكاد تكون معدومة خاصة قبل جلاء نتيجة الانتخابات البرلمانية المقبلة في الأول من نوفمبر القادم، والحقائق على الأرض تقول: ما زال السلطان العثماني عاجزا عن مواجهة القيصر الروسي.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 19658
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم