حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,18 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 27786

قولوا لنا .. بماذا نُطلي أجسادنا؟!

قولوا لنا .. بماذا نُطلي أجسادنا؟!

قولوا لنا .. بماذا نُطلي أجسادنا؟!

01-10-2015 03:51 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عصمت حداد
عندما أكمل سيدنا نوح عليه السلام بناء سفينته بعد أربعين عاماً من الكد والتعب، جاءه قومه المنكرون لدعوته، ولوثوا تلك السفينة ببرازهم وبولهم.. حتى ملؤوها بقاذوراتهم، وحدث بعد ذلك أن أصيب القوم بمرض جلدي لم يجدوا له علاجاً، وبعد أن تمكن المرض منهم.. رأوا أن يستشيروا حكيماً أو عرافاً.. عله ينصحهم بوسيلةٍ تُخلصهم من ذلك الداء، فذهبوا إلى أحد الحكماء فأشارَ بأنهم قد ارتكبوا فعلاً عظيماً استحقوا عليه هذا العذاب، وكان ذلك بسبب فعلتهم بسفينة نوح.. وأن علاجهم الوحيد هو أن يطلوا أجسادهم من قاذوراتهم التي على تلك السفينة. وجرت الأحكام الإلهية.. فلم يتعافوا من ذلك المرض إلا بعد أن طلوا أجسادهم بقاذوراتهم ونظفوا السفينة عن بكرة أبيها، حتى يقال بأنهم عطروها وبخروها.

هذه القصة قادتني إلى التفكير بحال الوطن؛ فمن الواضح أننا قد ملأنا سفينتنا بكل أصناف القاذورات، فما نحن فيه من بلاء وشقاء.. دليل دامغ وقاطع على أننا ارتكبنا ومازلنا نرتكب زلة عظيمة يعاقبنا الله عليها. لقد كان لذلك الزمان حكيماً.. فكشف لهم زلتهم، فأين حكماؤنا ليكشفوا لنا زلاتنا.. لماذا لا نتحدث بصدق وشفافية.. هل الفساد سر مصيبتنا؟! أم هي الحكومات السابقة وترهلها؟! أم هو الجهل وغياب الكفاءات الوطنية؟! أم هو فشلنا نحن كشعب.. وعدم فهمنا للمسار الديمقراطي ؟!

لا يختلف أيُّ أثنين على أن الحكومة الحالية جاءت في ظروفٍ حرجةٍ وفي مرحلةٍ دقيقة جداً يمر بها الوطن، ولا نشك جميعاً بنزاهة ونظافة فريقها الوزاري وكفاءتهم؛ فقياساً مع الحكومات السابقة كان أداؤها أفضلَ بكثير رغم ما تحملْ المواطن من ضيقْ، وهذا ليس بغريبٍ على شعبنا الطيب، الصبور على المحن والشدائد. ولا نختلف على أن هذه الحكومة في الأشهر الأخيرة..قد قدمت وأنجزت الكثير من القوانين التي تهدف إلى الإصلاح وتصحيح المسيرة السياسية؛ فأطلقت الرؤية الاقتصادية العشرية، ثم قانون البلديات وقانون الأحزاب، و و و، وبعد أن قدمت مشروع قانون الانتخابات الجديد ننتظرُ جميعاً خروج الدخان من مجلس الأمة.. فهل يكون هذا الدخان أبيضَ أم يكون أسودْ؟!!.

ولكن مع الأسف ورغم كلِّ هذا الجهدِ من الحكومة، وكل سياسات التقشف وربط الأحزمة على البطون، إلا أنها زادت المديونية، وارتفعت الأسعار وقل الاستثمار، والخريجون من كل التخصصات يملؤون الأفق.. بِطالةً، والفقر تمتد شرايينُه كالسرطانِ، والتطرفُ والغُلوُّ يأكلان الأخضرَ واليابسَ، والفساد يضرب ما تبقى...

هنا يبرز التساؤل الكبير هل ما وصلنا إليه اليوم.. كان مخاضاً نتيجة سنواتِ الفشل والفساد التي عشناها، والتي وَسَمتْ الحكومات السابقة بكل أفعالها؟ أم أن المسار الديمقراطي الخاطئ الذي أستمر لأكثر من عقدين.. أوصلنا إلى ما نحن فيه من ويْلْ ؟ أم هل أننا اليوم نعاقَب لأننا لم نكشف إلى الآن ذلك العفن الذي أوسخ سفينتنا؟!.

لابد أن نعترف بأن الحكومات السابقة التي تعاقبت على إدارة الوطن.. فاشلهْ، وليست وحدها فاشلهْ، بل الحقيقة المرّة.. أننا فاشلون وفاسدون أيضاً!!.. فاشلونَ لأننا انتخبنا بعض الذئاب وتركنا الشرفاءَ مكتوب عليهم للنظر فقط!!، فاشلونَ لأننا احترفنا تهميش العاقل والمفكّر وقدّمنا الجاهل على المتعلم، فانتشر الفشل في كل شيء، ورحنا نبحث عن سياسة التقشف التي أصبح المواطن ضحيتها الأولى، فاشلونَ لأننا وضعنا الفاسدين فوق رؤوسنا؛ فالوزير السارق.. نقبّل يديه، ونقدّم له كل ألوان الولاء الكاذب، ونتفاخر بسرقتهِ، ونُلْبِسُ الموظفَ الكبيرَ المرتشيَ ثوب العفة والنزاههْ، ونضع على صدور زراع الفتنة نياشين البطولة.

يا أهل القرار: قولوا لنا بماذا نُطلي أجسادنا..قولوا لنا بماذا نُطلي أرواحنا.. كي نخرج من هذا البلاء الذي طال بقاؤنا فيه؟، قولوا لنا.. إلى متى يستمر طاعون الفساد؟.. لقد قال الفيلسوف (جان جاك روسو): "أعطني قليلاً من الشرفاء.. وأنا أحطم لك جيشاً من اللصوص والمفسدين والعملاء"، هل هذا معقول بالمنطق بأن الوطن أصابه داء العقم؟ وهل تستطيع أي حكومة أن تحارب الفساد والفاسدين.. دون هؤلاء الشرفاء الذين يحملون الوطن في حدقات عيونهم ؟؟!

يا أصحاب النمر الحمراء: نحن بأمس الحاجة إلى ولادةِ مرحلةٍ جديدةٍ، وعصرٍ جديد.. إذا أردنا للوطن أن يتعافى من أمراضه الخطيرهْ، وإذا ما أردنا الخروج من المحنة الحالية وعدم تكرار التجارب الفاشلة السابقهْ، فالوطن بحاجةٍ ماسة إلى وقفةٍ عقلانية هادئةٍ ورزينةٍ من كل أبنائه، مرحلةٍ نكشف فيها زلاتنا التي لوثت سفينة الوطن.. لعقودْ، وإلا فأي دعوة للتغيير والإصلاح.. مكتوب لها الفشل، لا نريد مجرَّدَ تصريحاتٍ وكلامٍ وَخُطَبْ، نريد أن تكون أفعالنا حقيقيةً، وليت الأفعالَ تجيء تصديقاً للأقوال.. حينئذٍ فقط نقول: أهلاً بالمستقبلْ !!.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 27786
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم