01-10-2015 03:47 PM
بقلم :
ليس حديثى هذا مقتصرا على الكرك كمدينة بل على المحافظة بأسرها ، وربما شمل مناطق واسعة أخرى من الجنوب ، وانا في هذه الحالة اتحدث كمواطن عادي له مشاهداته عن الفقر الذي بات يغزو هذه المنطقة او عن حالات ووقائع ذات العلاقة سمعتها من اهالي الكرك انفسهم ، طبعا خلافا لما يقوله خبراء الاقتصاد والمختصين في هذا الشأن ، الذين قد يكون لهم رأي أخر، قد نتفق معهم في اشياء ونختلف في اشياء أخرى ، لكن في المحصلة اتوقع ان نقاط الاتفاق سوف تفوق نقاط الخلاف بكثير .
الكركيون عبر التاريخ واجهوا حروبا وغزوات شتى من زمن المؤابيين والاشوريين والانباط وصولا للحقبة اليونانية فالرومانية والبزنطينية ، ثم دخول المسلمين الفاتحين ومعركة مؤتة المشهورة خلدها التاريخ وكتب حروفها من دم الشهداء الابطال ، لا يمكننا ان نمر عليها مر الكرام ، اما فترة الغزو الصليبي للمدينة وما حولها فحدث ولا حرج ، قلعة الكرك التي بنوها على قمتها لا زالت تشهد على جرائم الملك الصليبي ارنولط او ارناؤوط كما أسماه بعض العرب الذي لقي مصرعه بسيف القائد المسلم صلاح الدين ، هذه القلعة وغيرها من الاماكن الاثرية والتاريخية غير مستغلة سياحيا كما ينبغي .
من خلال تاريخ الكرك العريق وما اشرت اليه من حقبات تاريخية عاشتها هذه المدينة الشامخة ، ارى من الانصاف ان اشير الى حالة من الكآبة تخيم اليوم على اجواء المدينة نتيجة لحالات الفقر التي ربما تصل الى درجة الجوع الحقيقي في بعض جيوبها او جنباتها ، ما يستدعي ان تقف الحكومة على هذه الأوضاع غير المريحة على الاطلاق وتجد الحلول المناسبة لها ، ضمن اولويات يعرفها خبراء الاقتصاد ، في حدود الامكانيات المتاحة .
من الواضح ان البطالة المتفشية بين ابناء المحافظة ذكورا واناثا تجاوزت النسب المتعارف عليها عالميا بكثير ، وهذه ظاهرة تنذر بأخطار متوقعة وغير متوقعة ، ولا اود ان اخوض في تفاصيلها ، لأنها غنية عن الشرح والتفصيل ، العمالة الوافدة تنافس بقوة العمالة المحلية بكل المقاييس ، فثمة شرق اسيويين بكثرة تشاهدهم في اسواق الكرك وشوارعها يوم عطلتهم الاسبوعية ، والعمالة الوافدة من اقطار عربية بعينها ، لدرجة ان اسعار الشقق والمنازل ارتفعت بشكل ملحوظ وغير مسبوق في تاريخ الكرك وقراها ، واضحى من غير السهل ان تجد شقة او منزلا شاغرا للايجار ، وعلى الرغم من هذا كله تجد التجار يشكون من الكساد وضعف الحركة الشرائية ، لافتقار الناس للسيولة النقدية الا من رحم ربي .
الزراعة كانت المصدر الرئيس للسكان ، الا ان قلة الامطار وانحباسها في كثير من المواسم ، اودت بالزراعة البعلية ، ناهيك عن موجات الصقيع التي اتلفت المزروعات في كثير من المواسم ، اصف الى ذلك ضعف الجهود والامكانيات في مكافحة الآفات الزراعية التي راحت تفتك بالمحاصيل من القمح والشعير وكذلك الخضروات قبل جنيها بقليل .
المزارعون في الأغوار اشتكوا اكثر من مرة من قلة المياه المخصصة للري من جهة وتدني اسعار منتجاتهم من جهة اخرى مما يعرضهم للخسائر والديون المتراكمة ، في حين ان تجار الجملة كما يقولون ، هم الذين يجنون الارباح اكثر بكثر من اهالي المحصول الزراعي .
مشكلة الفقر والبطالة لا يحلها الا مشروع مارشل جديد اذا جاز التعبير، يشمل الكرك والجنوب بل وكل الاردن ، من خلال خطة اقتصادية مدروسة ، يضعها خبراء في هذا الخصوص ، وتقوم على تنفيذها اياد مدربة نزيهة تخاف الله في السر والعلانية ، يشارك فيها القطاع الخاص جنبا الى جنب مع القطاع العام ، كي نجنب انفسنا الانتظار في طابور المعونة الوطنية الذي لم يعد يسمن ولا يغني من جوع ، وعلى كل الاحوال ليس هو الحل الانجع لمحاربة الفقر والبطالة .. وللحديث بقية
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا