حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 27333

"البخشيش" .. وما خفي أعظم!!

"البخشيش" .. وما خفي أعظم!!

"البخشيش" ..  وما خفي أعظم!!

29-08-2015 03:15 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عصمت حداد
لابد في البداية التركيز على مفهوم عبارة (الموظف الحكومي)، أو موظف الخدمة العامة وتفسير المعنى الحقيقي لهذه الصفة التي تعبر عن دور الحكومة باعتبارها السلطة الرسمية المخولة بتوظيف الأفراد والجماعات لتقديم الخدمة العامة للمجتمع، ويكونا ملزمين بوضع قدراتهم ومؤهلاتهم المعرفية والعلمية في خدمة الوظيفة التي يجري تعيينهم فيها، لقاء الأجر أو الراتب والحقوق المكتسبة، التي تحددها القوانين والتعليمات تبعاً للشروط والعوامل التي يتم التوظيف بموجبها ، ويكون الموظف خاضعاً لسياقات وتقاليد العمل الوظيفي الذي تحدده الدولة وفقاً للتشريعات التي تنظم هذا الجانب وتمنحه الصفة القانونية التي تؤهله للقيام بالواجبات والحقوق الوظيفية والصلاحيات تبعاً لذلك، والتي تركز في أولوياتها على خدمة المواطن والمجتمع وضمان حقوقهم المشروعة والاهتمام بالمصلحة العامة والتمسك بالقيم الأخلاقية التي تفرضها عليه صفة الارتباط بالهيكلية الحكومية التي تنطلق من سياقات عمل الدولة في تنظيم العلاقة بين السلطة والمواطن.
ولكن اعتقد أن أفضل عقوبة يمكن أن توجه لمواطن هي أن يراجع إحدى دوائرنا لأي شأن من شؤون الحياة، وخصوصا تلك التي تتمتع (بجماهيرية) عالية.. في تلك الدوائر يكتشف الأردني حقيقة دوائر الدولة، من فقدان الانسيابية إلى وسطاء الفساد المالي مرورا بعدم الاحترام الزائد وأوضاع تلك الدوائر التي تحولت ممراتها إلى مكبات للنفايات والحفر التي، تشبه حفر الشوارع العامة "الجديدة!".. منذ اللحظة والخطوة الأولى لدخول المواطن تبدأ المعاناة الحقيقية التي تفوق معاناة شخوص عوالم كافكا طيب الذكر، ويبدأ الاكتشاف الكوني من ورقة واحدة لا تتحرك من طاولة إلى طاولة إلا بقدرة قادر، ومن قسم إلى قسم إلا بالشافعات.. والشافعات أنواع .. كأن تكون لك معرفة بالمستوى المطلوب، وهي معرفة، إن كانت نظيفة، فهي تدلك إلى الطريق (السليمة) لانجاز معاملتك على أكمل وجه من دون منغصات ولا تأخيرات ولا تسمع فيها العبارة التاريخية "تعال بكره" والأكثر احتمالا مع ارتفاع نوع الضغوطات "تعال بعد أسبوع".. وتضطر من اجل أن تتخلص من الخانق الذي دخلت إليه أن تبحث عن سماسرة "التسريع" الذين لديهم قائمة بالمبالغ التي عليك دفعها على وفق تسعيرات محددة ومعلومة ومدروسة بعناية، وشطارتك وحدها هي القادرة على الدخول في مساومات تخفف "المعلوم أو البخشيش" وتسرع العمل واختصار الزمن.. والحالة ليست فردية ولا تخص دائرة محددة بعينها، والقناعة المتولدة لدى جمهور المراجعين أن التأخير متعمد و"اكتشاف" النواقص قضايا مفتعلة لإجبارهم على أن ينصاعوا لشروط (لعبة) انجاز المعاملات، ولا حاجة لضرب الأمثلة، فبعض الدوائر إن لم يكن جميعها، يعرف مدراؤها هذه الأجواء والبعض منهم يجهد نفسه لتقليل نسب التلوث فيما البعض الأخر منخرط في هذه اللعبة القذرة إلى نهاياتها.

لاشك أن هنالك قواعد ومدونات سلوك وقوانين وضعتها الحكومة لإنجاح عمل دوائرنا، وهيئات رقابية موجودة ضمن مفاصل الدولة، ولكن هناك معادلة متَّفق عليها تقول، عندما يصبح القانون ضعيفا وهشّا، تتضاعف أعداد السرّاق، وما فائدة القوانين إذا كانت موجودة على الورق ولا تطبق على المفسدين، فالقوانين يجب أن تترجم على ارض الواقع حتى تكون محترمة ولها هيبة في قلوب كل الناس وعليه يجب أن يكون المسؤول الذي هو في رأس الهرم حريص أشد الحرص على تفعيل هذه القوانين، لكن إذا كان الراعي فاسداً ويشجع على الفساد فسوف يكون الأدنى فالأدنى هم فاسدون، ولا يهابون القوانين أو يحترمونها فلذلك صارت الأيدي طويلة على المال العام وأول الأيدي هم المسؤولون الكبار، لذلك أصبح الفساد في بلدنا ثقافة، وهذا أخطر ما يمكن على الوطن والمواطن لأن اغلب موظفي الدولة رفعوا شعار الاستفادة من وجودهم في الوظيفة أو شعار تكوين المستقبل للموظف من خلال ممارسة مثل هذه السفالات .

من حق المواطن أو وسائل الإعلام أن يتحدث عن الفساد الحكومي لأنه يكتوي بناره، أما المسؤول أياً كان موقعه فليس من واجبه أن يتحدث عن الفساد لأن المطلوب منه أن يعالجه، ولا نعمم بالنسبة للموظفين في الأقل فمنهم من يمارس واجباته بصورة طبيعية ويشم ما حوله من روائح كريهة لكنهم من القلة إلى الدرجة التي تنطبق عليهم مقولة من "لا حول ولا قوة لهم"..والشعارات الجميلة المرفوعة في أقسام دوائرنا "مجرد كلام" ومقولات مثل "لعن الله الراشي والمرتشي" مرفوعة لرفع العتب، أما هواتف الشكاوى وصناديقها فكلام من اختصاص الماضي، والردود إن حصلت فهي في خانة اللجان التحقيقية التي تضيع هي أيضا في متاهات الزمن كما هي معظم التحقيقات التي تفتحها الحكومة لقضايا أكثر خطورة في البلاد.

أيها المسىؤول: لقد آن الأوان للرجوع إلى القيم والمثل العليا ونحن في زمن القرن الحادي والعشرون الذي تطورت فيه مفاهيم الحياة وارتقت فيه حضارات الأمم وتقدمت فيه الأوطان لتكون في خدمة الإنسان.. ولماذا لا يكون الإنسان في خدمة الإنسان؟.. بل أكثر من هذا فان ابتكارات العصر ومهارات الشعوب جعلت الحيوان في خدمة الإنسان حينما يقود الكلب الوفي الذي أحسن تعليمه وتدريبه صاحبه فاقد البصر ويصطحبه ليساعده في تلمس طريقه وإبعاده عن المخاطر والأذى، فلماذا لا نتعلم ونكون أوفياء في خدمة مواطنينا ونحن لا نعمل بالمجان.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 27333
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم