بقلم : المحامي ابراهيم الطهراوي
ما أشبه حالنا اليوم بحال القوم في قصة ذي القرنين، وهم قوم ذوو علم ومعرفة استقبلوا ذا القرنين وعرضوا عليه مشاكلهم اذ انهم يعانون من الفساد في الارض ويعرفون من هم المفسدين ويعرفون ايضا ماهو الحل لهذا الفساد قال تعالي ((قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ) (94)الكهف
فمصدر الفساد معروف والمفسدون معروفون وهم يقضون على ثروتهم وينهبونها ويهلكون الحرث والنسل، فالمتبصر يجد هؤلاء القوم ذوي مال، اذ انهم اقترحوا على ذي القرنين ان يدفعوا له (خرجا) مقابل تنفيذ الحل وهو السد .
نعم هم اصحاب ثروة لكن هم بحاجة لمن يقوم بتنفيذ الحل وهو بإقامة السد وهنا ادرك ذو القرنين مشكلة هؤلاء القوم وهي انهم لا يملكون الثقة والارادة والإدارة يعانون من الخوف والضعف والهوان ،
فقال لهم : أعينوني بقوة ، وهنا تكمن فنون الادارة فهو عالج انعدام الثقة لديهم بانه قال لهم اعينوني بقوة اذ انه طلب العون منهم باستخدام طاقتهم الموجودة اصلا لديهم ثم باشر العمل بنفسه لكن طلب منهم ان يستخدم الامكانات الموجودة لديهم وان يشاركوه العمل، فكسر حاجز انعدام الثقة كما طلب منهم الموارد والمصادر والثروات المتوفرة لديهم وهي الحديد ، فباستخدام قوتهم وباستغلال ثرواتهم الطبيعية من الحديد اقام الردم، ومن ثم أمرهم بإشعال النار على الردم ومن ثم صب النحاس (القطر) عليه فأقام السد وحماهم من ظلم وفساد ياجوج وماجوج.

((قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)الكهف))

ان ذلك تم من خلال كسر حاجز انعدام الثقة وبث روح الحماس لدى القوم للعمل والبناء والعطاء وتعزيز الثقة وتقوية الارادة وذلك بالادارة الناجحة للطاقة والموارد والثروات.
نحن مثلهم تماما لدينا المعرفة بمشاكلنا واسباب هذه المشاكل ومسبباتها ونعرف الفاسدين المسببين لهذه المشاكل ونعرف الحل ايضا ولكننا لا نقوى على القيام باي شي بسبب انعدام الثقة وانهزام الارادة وتردي الادارة .....فهل سيطول انتظار ذي القرنين؟

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا