حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 39872

المملكة العربية الجديدة .. التمدد لغرب العراق وجنوب سورية

المملكة العربية الجديدة .. التمدد لغرب العراق وجنوب سورية

المملكة العربية الجديدة  ..  التمدد لغرب العراق وجنوب سورية

06-07-2015 10:44 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - تضج المملكة الأردنية الهادئة والصغيرة بمساحتها الجغرافية، والطامحة والمتورطة في آنٍ واحد بأدوار متعددة تمتد إلى خارج حدودها، منذ أسابيع بحديث علني عن توسّع الأردن شمالاً وشرقاً وغرباً. أطروحة لاقت مؤيدين ومعارضين انشغلوا بتحليل إمكانيتها ومبررات تحقيقها من جهة أو استحالتها وخطورتها من جهة ثانية، فيما امتنع صاحب الكلمة الفصل (العاهل الأردني عبد الله الثاني) عن حسم الجدل، بل قدم إشارات وأطلق تصريحات تمنح الجدل زخماً إضافياً.

يؤمن الأردنيون بالمثل القائل "لا نار بدون دخان"، وعليه فإن أطروحة التوسع الجغرافي للمملكة على حساب أقاليم في غرب العراق وجنوب سورية ومناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، لا يمكن أن تكون نتاج صالونات سياسية، ولا سيما بعد أن قدمت الأطروحة في مقالات لكتاب مقربين من النظام وأجهزته نشروها في صحف يدرك الجميع أنها تخضع للرقابة على الأقل في ما يتعلق بقضية بهذا الحجم.‬

عند الحديث من قبل المؤيدين والمعارضين عن أطروحة "المملكة العربية الجديدة"، والتي ستكون عاصمتها عمّان، يعتمدون مصطلح التوسع، في محاولة واضحة من قبلهم لتلافي مصطلح التمدد، الذي أصبح يقترن بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) صاحب شعار "باقية وتتمدد". وهو التوسع الذي يفترض ضمّ أجزاء من شرق سورية وأجزاء من غرب العراق، ذات ثقل المكون العربي السني، إضافة إلى ضم الضفة الغربية الواقعة نظرياً تحت حكم السلطة الوطنية الفلسطينية إلى الأردن لتتشكل "المملكة الجديدة".‬

الأطروحة التي لا يعرف من يقف خلفها، وأسباب الصمت على تنامي الحديث حولها، فرضت نفسها في سؤال صريح وجّه إلى المتحدث باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، خلال مؤتمر صحافي عقده في 3 يونيو/حزيران الحالي، ليجيب الأخير، بشكل حاسم، وقد بدت عليه المفاجأة بأنه "لا يوجد لدينا طموحات للتوسع الجغرافي، هذا الأمر ليس مطروحاً".

إلا أنّ نفي المومني، الذي لم تحفل به وسائل الإعلام، لم يضع نقطة في نهاية السطر، فكتبت آلاف السطور حول "التوسع الحلم".‬
وزاد في تضخم الحلم إشارة وتصريح ملكيان. الإشارة كانت في 9 يونيو/حزيران الحالي، عندما سلّم العاهل الأردني، عبد الله الثاني، راية أجداده أي "الراية الهاشمية" لقائد جيشه لتكون بين رايات وأعلام الجيش الذي يسمى "الجيش العربي". وهو ما اعتبر إعادة إحياء لطموحات الهاشميين الذين أعلنوا من أجلها الثورة العربية الكبرى، وهي أن يكونوا "ملوك العرب". وترافقت هذه الخطوة مع حملة إعلامية ضخمة تغنت بالمعاني الدينية والتاريخية التي تحملها الراية.

أما التصريح فأطلقه الملك عبد الله الثاني في 14 يونيو، عندما أكد خلال لقائه شيوخ عشائر البادية الأردنية الشمالية، ضرورة حماية العشائر في غرب العراق وشرق سورية. وهي الحماية التي تم تحليلها في سياق بسط النفوذ الأردني في أماكن تواجد تلك العشائر.‬

المدافعون عن أطروحة التوسع، يستندون في دفاعهم إلى الدور التاريخي للهاشميين في مناطق التوسع المفترض، إذ سبق لهم حكم دمشق قبل أن ينهي الاحتلال الفرنسي حكمهم لها. وحكموا بغداد قبل أن تنهي مجزرة دامية حكمهم ووجودهم في العراق، وحكموا الضفة الغربية خلال الوحدة التي استمرت من خمسينيات القرن الماضي حتى قرار فك الارتباط في العام 1988، المختلف على دستوريته حتى الآن. هؤلاء يحاكمون أيضاً تاريخ حكم الهاشميين لتلك البلاد، فيحكون عن "عدله" وينتهون إلى فرضية تقول إنه لو قدر لحكم الهاشميين أن يستمر لما وصلت أوضاع تلك البلاد إلى ما وصلت إليه اليوم. أمام المعارضون فيعتقدون أنّ في حفاظ الأردن على نفسه ضمن حدوده الجغرافية معجزة لن يكتب لها الاستمرار في حال توسعت حدوده على مناطق مضطربة أمنياً وسياسياً. ويرون أيضاً في التوسع المفترض إذابة للهوية الوطنية الأردنية التي قرع الشرق أردنيين منذ سنوات جرس مخاوفهم من زوالها.‬

بين تحليليين عاطفيين، يدعي أحدهم دفاعه عن الحق المفترض ويدعي الآخر الحرص على جزيرة الأمن الصامدة في إقليم مضطرب، لا يقدم الفريقان سيناريوهات موضوعية لآليات التوسع. بل يتم التعامل مع الأمر وكأن التوسع طبق جاهز في انتظار قرار بالتهامه.‬
وتصبح السيناريوهات المفترضة للتوسع مرهونة بجملة من الوقائع الواجب تحققها، مع بروز الوصول إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية كعامل مشترك في جميع السيناريوهات للوصول إلى تحقيق الأطروحة الحلم بصورتها الشمولية. وهو الحل الذي لا يوجد له أفق في المدى المنظور.

أما التوسع على حساب العراق وسورية، فإنه يتراوح بين جملة من السيناريوهات المستحيلة، تبدأ بأن يبادر الأردن بحدوده الجغرافية الحالية وقوته العسكرية إلى احتلال الأجزاء الرخوة في العراق وسورية، وهو ما يعتبر في حال توفر القوة لتحقيقه اعتداء سافراً على السلم الدولي، وخروجاً على مواثيق الأمم المتحدة التي ستجعل من الأردن دولة معتدية لن تجد حماية حتى من حلفائها. أما السيناريو الآخر فيفترض أن يسبق التوسع تقسيم سورية والعراق، والتحاق أجزاء مقسمة بالأردن. وهو ما يتنافى مع ثوابت السياسة الأردنية التي تؤكد دائماً وقوفها مع جانب حل سياسي في كلا البلدين يحفظ وحدتهما.‬

كما أن الحسابات الافتراضية لأطروحة التوسع الافتراضية تقتضي التفكير مطولاً في واقع المناطق التي يتم الحلم بضمها، فهي مناطق شاسعة قد تفوق مساحتها المساحة الجغرافية للأردن، ويفرض تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) سيطرته على أجراء واسعة منها، ما يعني أن الأردن، المكتفي بحماية حدوده من خطر التنظيم، سيجد نفسه يحتضن التنظيم ضمن حدوده عند إعادة رسم خرائط المنطقة. هذا الأمر يحول مشكلة "داعش" من مشكلة خارجية للأردن إلى مشكلة داخلية، إضافة إلى أن المملكة الفقيرة ستجد نفسها قد توسعت في مناطق فقيرة لا تحتوي ثروات، ما سيفاقم مشاكلها الاقتصادية وينقلها من حافة التأرجح الاقتصادي إلى حافة السقوط.‬

جميع السيناريوهات ترسم مستقبلاً مظلماً لأطروحة التوسع، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي وحتى الاجتماعي، في ظل مخاوف الشرق أردنيين على مستقبل هويتهم الوطنية وهم الذين يفهمون التوسع رصاصة أخيرة على نفوذهم وقوتهم وهويتهم. ما يجعل الأطروحة تولد ميتة. لكن يبقى السؤال من له مصلحة في إثارة كل هذا الجدل حول فكرة ميتة، على الرغم من قدرة الدولة على وقف السجال إذا ما تم التسليم بعدم قدرتها على صناعته من الأصل.‬


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 39872

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم