حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,25 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 31232

عيش وملح ودلالاتهما

عيش وملح ودلالاتهما

عيش وملح ودلالاتهما

23-06-2015 09:30 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أمجد فاضل فريحات
مثل دارج نسمع به عندما نتكلم عن العلاقات الطيبة والصادقة بين الناس ، علاقات قوية أقوى من العلاقات المبنية على صفحات الفيس بوك ، وصفحات التواصل الإجتماعي الأخرى .


كانت العرب قديما لا تخون ، ولا تظلم ، ولا تبوق بعضها البعض خاصة إذا كان بينهم كما يقال : عيش ، وملح ، وذلك لوجود دلالة عظيمة في نفوس من يقدر هذا الشيء ، أما من كان يخالف ذلك فكان يحارب عن طريق الجفاء ، ناهيك عن سمعته السيئة ، واللتي أقلها وصفه بأنه ( سويد وجه ) .


تذكر كتب التاريخ عن سلطان باشا الأطرش حكاية تقول : وقع في قبضته عن طريق حرس المدينة شخصين أرادا سرقة خيل من خيول الأطرش ، وبعد تفتيشهما وجدهما يحملان رغيفين من الخبز ، فسألهما عن مصدر هذا الخبز ، فقالا : هو من عند إحدى العجائز في أول المدينة ، وهنا أمر الأطرش بتغليض العقوبة عليهما لأنهما خانا أمانة الملح والزاد ، وهنا قالا : نحن لم نخن هذه الأمانة بل أبقينا الخبز كما هو حتى لانقع في حرج مع أنفسنا بعد سرقة الخيل ، وهنا ونتيجة لحسن أخلاقهما كما قدرها سلطان باشا أمر بألعفو عنهما ، وزاد على ذلك أن سمح لهم بأخذ الخيل .


عندما كانت الأمور تتعلق بتطبيق أحد أركان العادات والتقاليد الحميدة ، كان الكثير يلتزم ، إنطلاقا من إحترامه لنفسه ومروءته ، حتى العرب في الجاهلية حافظوا على هذا الشيء وطبقوه في حلهم وترحالهم ، ومن القصص المروية عن المروءة وعدم قتل من دخل في جوفه شيء من زاد المعزب ، وهذا ماحصل مع صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين عندما وقع في أسر المسلمين ثلاثة ملوك من اوروبا وهم ريتشارد قلب الأسد ملك بريطانيا ، ولويس ملك فرنسا ، وأرناط ملك مملكة الكرك الصليبية ، وفي خيمة صلاح الدين طلب ريتشارد شربة ماء فأذن له صلاح الدين ، كذلك فعل لويس . وعندما حان دور أرناط . هجم على قربة الماء لكي يشرب ، وقبل أن يهم بها ، هاجمه صلاح الدين بسيفه ، فقسم ظهره وقتله حتى لا يظفر بهذه الحماية ، وحتى لا يقال قتل صلاح الدين من أكل أو شرب من زاده . وكان صلاح الدين قد فعل ذلك بأرناط لأنه كان يتفنن بأذى المسلمين ، خاصة المتوجهين للحج ، وصلاح الدين كان قد أقسم سالفا على أرناط بقتله بيده إن أمسك به ، وفعلا نفذ يمينه ، ووفى بنذره بحق أرناط ملك مملكة الكرك الصليبية .


كثيرون هم أولئك اللذين يحضرون الولائم ، وتجدهم وهم على رأس المائدة ، والزاد في أفواههم حيث لا يتورعون . ولا يختشون وهم يشتمون صاحب الوليمة ، وقد ينعتونه بأسوأ الصفات ، وهذا والله ما هو إلا من الأفعال الدنيئة والمشينة .


النموذج السابق هو نموذج سيء الذكر للأخلاق الرديئة من جانب بعض النفوس المريضة ، واللتي جندت نفسها للحياة وهي تعرف حقوقها جيدا ولكن لا تريد أن تؤدي واجباتها ، وأسوأ من هذا النموذج نموذج آخر ، ويكون في ضيافة معزب ، وهذا النموذج سيء الخلق ولا يستحق دخول البيوت ، وتصفه العرب بوصف يقول : ( يده بالزاد ، وعينه على راعية البيت ) . وهذا التوع من عدم صون الخبز والملح من قبل أشخاص دخلوا بيوتا ، وأكلوا ، وشربوا منها ، ولكن لم يمنعهم حياؤهم من الإساءة لمعزبهم ، بل قد نسمع قيامهم بغدره ، وقد يعتدون عليه إذا سنحت لهم الفرصة ، ولا عجب في ذلك لأنه إذا فقد الحياء ، فليصنع الإنسان مايشاء .
وهذا النوع لم يخون الزاد والملح بل تعداه لمرحلة البوق وقلة المروءة ، وانعدام الأصل . ويندرج هذا الصنف تحت قائمة الخسيس والنذل ، وقد وصفته العرب بمقولة : ( مية وجهه مسحوبة ) .


في ديننا الحنيف تم التركيز على حسن الخلق ، والتعامل الطيب وحفظ العهود ، حتى رسولنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم خاطبه رب العزة قائلا : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ، ولهذا فعنوان العلاقات الطيبة بين بني البشر هو إحترام المواثيق والعهود ، ومعاملة الناس معاملة طيبة ، وعكس ذلك سيخسر صاحب هذا الخلق المشين الكثير الكثير من الأشياء ، وبعدها لن يحميه أي شيء حتى لو إمتلك الكثير من الشهادات العلمية ، وربما المال ، وقد يمتلك كذلك الجاه ، ولكنه لن يكون بالنهاية عند الله وجيها ، بل سينعت بصفات قبيحة من قبل معارفه ، خاصة بعد أن يغادر هذه الحياة الفانية . وبالتالي ستكون هذه الفئة قد خسرت الدنيا وخسرت الآخره . لا بل وسيأتون يوم القيامة وهم يحملون أعلام مكتوب عليها : الغدارون ، كما ذكر في الأثر ، وبعدها تخيلوا كيف ستنظر هذه الفئة إلى نفسها .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 31232
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم