حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 75660

قصص مؤلمة لضحايا الاعتداءات الجنسية وجهود لتخطي آلامهن

قصص مؤلمة لضحايا الاعتداءات الجنسية وجهود لتخطي آلامهن

قصص مؤلمة لضحايا الاعتداءات الجنسية وجهود لتخطي آلامهن

24-05-2015 04:59 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا- لسن متهمات بجرائم ولم يخرقن القانون لكنهن يعشن في دار محاطة بالحماية الامنية وابواب مغلقة يشعر الزائر للوهلة الاولى بان المكان اقرب للسجن.
فتيات لم يبلغن سن الثامنة عشرة تعرضن الى اعتداءات جنسية سواء من الاقارب او الاشقاء او من اشخاص غرباء اوصلوهن الى دار رعاية الفتيات بالرصيفة ليعشن سنوات بهذه الدار المغلقة يختزن باذهانهن تجارب مؤلمة جرحت طفولتهن وتركت بصمة حزن والم وانكسار لا يمكن للكلمات ان تصفها فهي بقدر وحجم رفض المجتمع لهن واسرهن التي لا تزال تحمل الفتاة نتيجة ما وقع عليها من اعتداء جنسي وتنتظر حكما يصدر من قلوب الامهات والاباء ليعلن براءتها وتتمكن من الاستمرار بحياتها من جديد.

هؤلاء الفتيات البالغ عددهن ثلاثين فتاة هن ضحايا لكل واحدة منهن تجربة مؤلمة سلبت منها اغلى ما تمتلكه الفتاة في مرحلة عمرية طفولية كانت تحتاج بها الى العيش بسلام وامن تحظى برعاية امهات واباء يدركن التغيرات الفيسيولوجية والنفسية لهن ويحرصن على ابقاء باب الحوار والرقابة قائمة كي لا تقع الفتاة في اخطاء واستغلال من الاخرين يغير حياتها الى الابد ويقودها الى سنوات من العمر تكبر فيها كثيرا.
في زيارة للدار امس الاول قامت بها وزارة التنمية الاجتماعية وجمعية ضحايا العنف الاسري وجمعية الدبلوماسيات للاعمال الخيرية للاطلاع على الخدمات التي تقدمها الدار وقصص النجاح الحقيقية والجهود المشتركة ما بين الوزارة وجمعية ضحايا العنف لمساعدة الفتيات بتخطي ما تعرضن اليه والاستمرار بحياتهن واعادة تقبل اسرهن اليهن وكانت وجوه الفتيات حزينة لكنهن يحاولن تخطي هذه الاحزان والتعايش مع واقع جديد داخل الدار التي تحاول ان تبني حياة اقرب الى الواقع الذي تعيشه كل فتاة.

مديرة الدار رغدة العزة قالت ان الدار تأسست في عام 1973 وكانت تسمى الخنساء وهي مسؤولة عن رعاية وتاهيل الفتيات اللواتي تعرضن لاعتداءات جنسية او اللواتي تعرضن للعنف الجسدي والنفسي الشديد من قبل اسرهن بما يهدد حياتهن للخطر فيتم الحاقهن بالدار بهدف توفير الحماية لهن خاصة وان الاسر لا تتقبل فكرة ان تكون ابنتهم قد تعرضت لاعتداءات جنسية فتصبح حياتها في خطر حقيقي.
واضافت ان الدار تقدم الخدمات القانونية للفتاة التي يجب ان تكون ملمة بحقوقها القانونية خاصة وانها تدخل للدار وهي لا تعلم شيئا ولا تحمل سوى الام ما تعرضت اليه الى جانب البرامج التاهيلية الاخرى من الخدمات الصحية والمهنية والتعليمية بحيث تمارس الفتاة حياتها بشكل طبيعي منهن من يلتحق بالتعليم ليستكملن ما بدان به في حياتهن فيتم تعليمهن من قبل معلمات ومنهن من يتعلم مهن اخرى كالتجميل والخياطة ومهارات الحاسوب والخزف الى جانب جلسات الارشاد النفسي الذي تتمكن الفتاة خلالها من البوح بما في اعماقها.
وتقول العزة ان الفتيات يعشن بغرف مشتركة هي اقرب الى الاسر وهن مسؤولات عن نظافتها وترتيبها يبدأن يومهن الساعة الثامنة وينتهي الساعة الثالثة ليمارسن الهوايات التي يرغبن بها من مشاهدة التلفاز واللعب وقضاء اوقات تتشابه بهوايات كل فتاة تقضيها داخل اسرتها.

واكدت العزة ان الهدف من وجود الفتيات بالدار الى جانب حمايتهن لحين حل مشاكلهن مع الاسر هو اشعار الفتاة بانها تعيش حياة طبيعية فهن يمارسن حقوقهن كاملة من خلال اجراء انتخابات فيما بينهن ليشعرن بالانتماء الوطني ومفاهيم الديمقراطية الى جانب تطبيق ما يسمى ببرنامج ادارة الغضب لتتمكن الفتاة من التعامل مع مشاعر الغضب بداخلها وتخطي ما عاشت به لتشعر بتفاؤل بالحياة والقدرة على الاستمرار.

وامام مشاهدة ما تم انجازه من قبل الفتيات سواء من مصنوعات يدوية وخزفية وخياطة يقفن وهن يتحدثن عن حجم انجازاتهن التي يرينها كبيرة بعد ان تمكن من تجاوز الى حد ما الالام التي تعرضن اليها ، تتحدث مديرة الدار عن القصص المؤلمة لهن عوضا عنهن لعدم قدرتهن على استعادة الماضي وحزنه.

ولعل خطورة ما تعرضن اليه الفتيات لا تقف عند حدود الاعتداء والحمل بل في غياب دور الاسرة بشكل كامل اما لكبر حجمها وعدم اعطاء الفتيات داخلها الاهتمام والرقابة الكافية قبل وقوع هذه الحوادث لتقع الفتاة ضحية اهمال واستغلال.

احدى فتيات الدار بعد ان تعرضت لاعتداء من قبل شقيقها ووقوع الحمل لمدة سبعة شهور اكتشفت الام انها حامل كانت تعتقد ان ابنتها تزداد بدانة فقط.

وفتاة اخرى تم الاعتداء عليها من قبل احد اقارب الاسرة ولم تعلم الاسرة بذلك الا حين ظهرت عوارض الحمل على الفتاة في حين لم تضع الاسرة ضوابط على طبيعة العلاقات التي تجمع الفتيات ايضا بالاقارب لتكون الفتاة ضحية نفوس مريضة تستغلها في ظل غياب الحوار والصراحة بين الفتاة واسرتها وخوفها من الافصاح عما تعرضت اليه.

فتاة اخرى في الدار تتعرض لضرب شديد من قبل اسرتها مما ادى الى تعريض حياتها للخطر فتم الحاقها بالدار للحماية الى جانب الفتيات المتغيبات عن اسرهن لاسباب عدة يتم الحاقهن بالدار حماية ورعاية لحين ايجاد حلول جذرية مع الاسر.


تقول مديرة الدار ان العمر الذي تستقبله الدار من «12- 18» عاما والفترة الزمنية للبقاء بالدار قد تكون شهور او سنوات تبعا لحالة الفتاة ومدى تقبل الاسرة لها من جديد حيث تعمل الدار بالتعاون المستمر والدعم من جمعية حماية ضحايا العنف الاسري على متابعة حالات الفتاة بالتعاون ايضا مع ادارة حماية الاسرة ويتم عقد جلسات ارشاد وتوعية مع الاسر لاعادة تقبلهم الفتاة بعد خروجها من الدار لتتمكن من الاستمرار بحياتها.

في بعض الحالات يتم ابقاء الفتاة بالدار لعمر العشرين عاما اذا كان هناك خطر حقيقي على خروجها قبل هذا العمر بعد ان تكون دخلت الدار بقرار من القاضي وتخرج ايضا بقرار من القاضي بمتابعة من ادارة حماية الاسرة وبتوصية ترفع للقاضي بعدم وجود خطورة على حياتها.
جمعية حماية ضحايا العنف الاسري بتعاونها ودعمها المستمر للدار من عام 2002 نجحت خلال العام الماضي من اخراج 84 فتاة من اصل 89 فتاة كن بالدار ، وقالت نائبة رئيس الجمعية زينة مهيار ان هؤلاء الفتيات ضحايا بحاجة للدعم والتاهيل من خلال البرامج المتنوعة داخل الدار وتعمل الجمعية على ثلاثة مستويات الاول المستوى الفردي حيث يتم تشكيل فريق للدعم الاسري للمنتفعة اثناء وجودها وبعد خروجها يعمل على تهيئة اسرة منتفعة لاعادة الفتاة لاجوائها الاسرية من خلال جلسات فردية وجماعية حيث يتكون الفريق من مديرة الدار وادارة حماية الاسرة والجمعية.

وتعمل الجمعية من خلال المستوى الجماعي لتطوير مهارات الفتيات الى جانب جلسات التفريغ النفسي للموظفين داخل الدار واعطاء دورات للموظفين حول كيفية التعامل مع المراهقين.
واضافت مهيار هناك محور الرعاية اللاحقة الذي تعمل الجمعية عليه منذ سنوات لمساعدة الفتيات بعد خروجهن من الدار وتمكينهن اقتصاديا ونفسيا.


وعرضت مهيار حالات لفتيات خرجن من الدار وتمكن من الاستمرار بحياته، احدى الفتيات ساعدتها الجمعية باكمال دراستها الجامعية وتمكينها من العمل بعد الجامعة وفتاة اخرى ساعدتها الجمعية في بناء اسرة جديدة وتزويجها من الشاب الذي اقامت معه علاقة غير شرعية وتم اعادة الطفل اليهما ، وفتاة اخرى قامت الجمعية بمتابعتها على النظام العشائري وتم حل مشكلتها من خلال شيخ العشيرة وتزويجها الشهر الماضي ، وفتاة اخرى تم مساعدتها في الرجوع الى اسرتها بعد ان تعرضت لاعتداء وحمل سفاح ودمجها بالمجتمع وعادت الى المدرسة من جديد بتعاون كبير من قبل اسرتها ، فتاة اخرى تم دمجها باسرتها ومتابعتها بشكل مستمر لاستكمال مرحلة التعليم الثانوي وفتاة اخرى تم دمجها من جديد مع اسرتها وعودتها للدراسة بعد اغتصابها.

وتشير مهيار الى ان الفتيات اللواتي لا يتمكن من العودة الى اسرهن وبعد ضمان عدم وجود اي خطر على حياتهن يتم الحاقهن بدار اخرى لتعيش الفتاة حياة طبيعية باشراف وزارة التنمية الاجتماعية بعد تاهيلها نفسيا واجتماعيا ومهنيا او تعليميا لتتمكن من الاستمرار بحياتها بشكل طبيعي مؤكدة ان مهمة الجمعية بالتعاون مع الدار والتنمية الاجتماعية كبيرة فليس من السهل اقناع الاسرة بتقبل بناتها بعد تعرضهن للاعتداء خاصة اذا كان المعتدي من داخل الاسرة خاصة وان هناك من لا يزال يحمل الفتاة ذنب ما تعرضت اليه بالرغم من انها ضحية لا ذنب لها لانها كانت بحاجة للاهتمام والتوعية والرقابة.

وفي بيوت الفتيات داخل الدار كلمات كتبتها الفتيات معلقة على جدران الحائط تعكس حجم المعانة النفسية التي المت بهن لتجارب مؤلمة: «جروح قلبي زادتني قناعة بالحياة»..» انا ما بخاف من الناس الي بيكرهوني اخاف من الناس الي عاملوني بقسوة «..» امي اغلى ما املك «....» لو تستطيع الحياة ان تعود الى الوراء لكنت الان مختلفة».

كل فتاة من هؤلاء تتحمل اليوم ذنب غياب الرقابة الاسرية وغياب الحوار والصراحة التي هي من مبادئ كيان الاسرة والتعامل السليم مع افراده خاصة في مرحلة المراهقة وهن يتحملن ذنب اخرين اعتدوا على اجسادهن وطفولتهن ليحاولن اعادة حياتهن وترتيبها من جديد وتقبل اسرهن لهن بعيدا عن اي مخاطر تهدد حياتهن بعد الخروج من الدار.

فان تكون فتاة بسن الرابعة عشرة وهي تحمل في احشائها طفلا نتيجة اعتداء جنسي وقع عليها لن تراه ولن تكون قادرة على تربيته لانها لا تزال طفلة تحتاج لمن يرعاها ويساعدها على استكمال حياتها ، ذنب كبير بحق حياتها وطفولتها المجروحة تتحمله كل اسرة لا تدرك متغيرات الحياة وتحدياتها التي تواجه الفتيات والشباب سواء داخل الاسرة او خارجها لتدفع ثمنا باهظا بحق بناتها اللواتي يعشن اليوم خلف ابواب موصدة يحاولن رؤية الحياة من جديد علهن يتمكن من نسيان ماض مؤلم وتجارب حزينة بمساعدة ودعم الجهات والجمعيات التي تؤمن بحياتهن شريطة ان تؤمن اسرهن بانهن ضحايا يحتجن للحب والدعم لا ان يكون الرفض والنبذ لهن اسلوب تعامل الاسر معهن.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 75660

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم