حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,18 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 19656

ظاهرة الإعتداءآت على المعلمين ..

ظاهرة الإعتداءآت على المعلمين ..

ظاهرة الإعتداءآت على المعلمين  ..

18-05-2015 04:10 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :
تضاعفت الاعتداءآت على المعلمين في مدارسنا الأردنية في السنوات الأخيرة ، وتنامت هذه الظاهرة الخطيرة وتجاوزت المعلمين حتى طالت الأطباء ورجال الأمن في بعض الأحيان ... !!!

ولمناقشة الأسباب التي ساعدت على نمو هذه الظاهرة وأوصلتها لهذا المستوى المقلق والخطير ، فلا بد من إستحضار ماضينا التربوي القديم والساطع والجميل ... ففي تلك الأيام الجميلة تحكمت في مجتمعنا الأردني منظومة أخلاقية رائعة وراسخة وأصيلة ، وأفرزت لنا سلسلة متتابعة من من الهيبات ومتوالية من الإحترامات ، وشملت فئات عديدة من مجتمعنا الأردني وعلى رأسهم : إمام المسجد والمعلم والطبيب والموظف والقاضي والرجل الكبير والمرأة و ... وما كان لكل هذه السلسلة من الهيبات و الإحترامات بأن تترسخ في أذهان وعقول الأجيال ، لولا مراقبة وتوجيهات الآباء المستمرة للأبناء ، ولولا المنزلة الكبيرة والهيبة القوية والإحترام والتكريم الذي حظي به الآباء في تلك الفترة البعيدة ، وهي الفترة التي كان للآباء فيها كلمتهم الصارمة وكان لهم إحترامهم الكبير ومنزلتهم المصانة ، كما كان لهم رأيهم القوي ودورهم الصلب في بناء الأسرة وتوجيه وإرشاد الأبناء ، في تلك الفترة البعيدة كان لكبار العشيرة رأيهم ودورهم المسموع من قبل الجميع ، وفي تلك الفترة كان للمجتمع الأردني دوره الملموس في ضبط وتقييم سلوك الجميع ، عندما كان مجتمعا” محافظا” ومحكوما” بالعقيدة الإسلامية السمحة ومقيدا” بالعادات والتقاليد الأصيلة والمتجذرة في نفوس الجميع ... ولهذه الأسباب ؛ فقد كان لكبير القوم كل الإحترام والتبجيل والإجلال والتقدير ، وكان للمرأة العفيفة والشريفة الإحترام والتقدير والإجلال ...

عندما علم الآباء الأبناء المغزى والمعنى الحقيفي لمقولة الأولين : من علمني حرفا كنت له عبدا” ... وعندما أستوعب المجتمع الأردني وأدركت كل الأجيال مقولة أمير الشعراء : قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا ؛ وعندما حكمت المجتمعات القيم الأصيلة والتقاليد والعادات الراسخة والعقيدة الإسلامية السمحة ؛ قدم المعلم وكرم المعلم وأحيط بأسوار من الإحترام والتقدير والتبجيل من كل فئات الجميع ...

ولكن عندما فقد الأب الأردني مكانته الأولى ، وتنازل طوعا” أو كرها” عن هيبته المعهودة في بيته وبين أفراد أسرته ، فمن الطبيعي بأن تتهاوى متوالية الهيبات المتتابعة في مجتمعنا الأردني ؛ وهذه السلسلة المتهاوية من الهيبات لن ترجع لسابق عهدها حتى يسترد الوالدين دورهم وهيبتهم ومكانتهم الأولى ... فالإبن المدلل والمائع سيزعج معلميه دون أدنى شك ، والولد المنحرف والإهوج والضائع والمتمرد على توجيهات والديه سيتجرئ على معلميه من دون شك ، وسيتجاوز كل القوانين والأنظمة ، ولن يبالي بالعادات والتقاليد المجتمعية ، وسيلحق هواه وسيبقى في حياته هائما على وجهه وكما عوده أبواه وقنبلة” موقوتة” في قلب المجتمع ...

خلال تجربتي في سلك التعليم وجدت بأن : الإبن هو انعكاس لأسرته ؛ وبأن أخلاق وتصرفات الطالب في بيته ستتكرر لا محالة في المدرسة ؛ فالأسر المفككة والمفتقدة للقائد وللموجه والمرشد ، ستقدم للمدرسة أجيال الضياع والإنحراف والهمجية والعشوائية ... ومن اهم أسباب تفكك الأسر هي تراجع دور الأباء في توجيه الأسر نتيجة غيابهم عن أسرهم لظروف معينة منها : الطلاق أو الوفاة أو غيابهم للبحث عن العيش الكربم ... الخ ؛ وعندها سيكون الأبناء فريسة” وعرضة” للإنحرافات والضياع ...
الحياة تقسو على المجتمعات بمرور الأيام وبتوالي الأزمان ، ومتطلبات هذه الحياة في ازدياد مستمر يوما” بعد يوم ، ورغيف الخبز سرق أوقات الكثيرين منا ، وغيب أكثر الناس عن أوطانهم وأسرهم وأبناءهم نتيجة للإغتراب أو ما شابه ذلك ، مما دفع البعض منا لترك مهمة توجيه الأسرة للأم المنقادة للعاطفة دائما” ؛ كما ترك البعض مهمة تربية وتوجيهه الإبناء للطرقات وللنت وللتلفاز دون مبالاة ...

وهذا الحال المزري الذي حل بالمجتمعات العربية ومجتمعنا الأردني ، نتج عنه تلاشي منظومة الأخلاق الموجهة للمجتمع وأدى الى الأطاحة بمكانة وهيبة المعلم ؛ ثم لحق به الطبيب ، فرجل الأمن ورجل الدين وغيرهم ... ؛ وكل هذا الضياع المجتمعي والأخلاقي كان النتيجة الحتمية لتراجع وتآكل دور الآباء بسبب فقدانهم لمكانتهم وهيبتهم في أسرهم .... ولا يمكننا التدخل لأجل بناء هيبة الرجل المهدمة ولا نملك المقدرة لإستعادة وترميم مكانته الأب الضائعة والمفقودة بين أفراد أسرته ؛ فالقيادة الأسرية لا توهب والرجولة الحقيفية لا تباع في الأسواق ؛ كما إن توفير الحياة الكريمة للأسر ليست بالمهمة السهلة ... ولكن يمكننا التقليل من هذه المشكلة عن طريق قيامنا بتكثيف البرامج الإرشادية والتثقيفية في وسائل إعلامنا المختلفة ، وإذا عرضنا على الأسر وعلى الأبناء دروسا” دينية توضح وتبين بأن رضا الله لن يتحقق بغير طاعة ورضا الوالدين ...

ولا نملك وضع الحلول الناجعة لمشكلة تراجع دور الأباء في البيوت ، ولا لمشكلة تقاعس بعض الأسر عن مهمتها المقدسة في اعداد وتربية الأجيال وتجهيز بناة الأوطان بلمسة سحرية واحدة ... ولكن من الأفضل لنا التعامل مع الواقع التربوي والأسري كما هو أمامنا وبكل سلبياته ؛ ولذلك فإنني أقترح على وزارة التربية والتعليم بأن تتولى هي بنفسها جزء” من مهمة تربية وتوجيه الطلاب المنحرفين والمشاغبين والذين لديهم مشاكل على أقل تقدير ، من خلال إقامة المخيمات التوعوية والارشادية والتوجيهية في ساحات المدارس يوميا” واسبوعيا” وبهدف : الإرتقاء بأخلاق وبسلوكيات فئات متزايدة وكثيرة من الطلاب وعندها الإستعداد والقابلية والجاهزية لتكون عناصر اجرامية وهدامة وموذية للمجتمعات ؛ وبذل كل جهد ممكن لمحاولة إستصلاح ما أمكن من كل هؤلاء قبل فوات الأوان ...
ويتم في هذه المخيمات توجيه وتثقيف الطلاب لكل ما يصلحهم ويعدل من سلوكياتهم ؛ كما يمكن معالجة هذه السلوكيات المنحرفة لبعض منهم بغرس مفهوم احترام النظام وبيان أهمية الإنضباط المدرسي والحياتي في عقولهم وقلوبهم ؛ ويمكن توجيههم لإحترام وتقدير الآخرين ولا سيما آباءهم ومعلميهم ؛ وتوجيههم لاحترام من هم أكبر منهم سنا” ...

ويمكن أن تقام مثل هذه المخيمات التوجيهية في ساحات وملاعب المدرسة كما أسلفت ، وأن تقام لمدة ساعتين بعد نهاية كل يوم دراسي أو ليوم كامل خلال عطلة نهاية الأسبوع ، ويجب أن تخضع لاشراف قوي من شيوخ مساجد معروفون ، ولتزجيه من معلمين أكفاء ولهم أخلاثهم المشهودة وغيرتهم الكبيرة على مستقبل الأجيال ؛ وتتم بعيدا” عن الشكليات والمظاهر والمحسوبيات وهي الإمور التي دمرت الأخلاق ، وهدمت المبادي وفتتت المجتمعات وجرت الويل والهلاك للأجيال وللأمة .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 19656
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم