حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 21427

في عيد الام

في عيد الام

في عيد الام

22-03-2015 11:48 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عمر سليمان ابوكوش
يقولون إن اليوم هو عيد الأم. سيذهب كثيرون إلى الجدل البيزنطى السخيف المتعلق بحرمانية تسميته بالعيد، ويدخل كثيرون معارك الفتوى التى تثبت أن السخافة لا تفنى ولا تستحدث من عدم، وينسون أنه بداية فصل الربيع، وينسون أنه يوم ميلاد نزار قبانى الذى كنا نخبئ دواوينه فى كتبنا قبل أن نكتشف مراهقتنا ومراهقته، وينسون أن الداعى إلى فكرة عيد الأم هو (مصطفى أمين) الذى كتب عن الفكرة فسمع الجميع كلامه، وهكذا خسرنا نموذج الصحفى الذى يثق به الجميع، ويدعو لمبادرة فيلبى المجتمع، بينما الآن الكل يصرخ، سينسى الجميع ذلك لكن أمك لن تنسى ذلك أبداً: (أين هدية عيد الأم).
تظل علاقتك بأمك رومانسية فيما يتعلق بما تسمعه عن هذه العلاقة ولا تلمسه بسهولة فى صغرك، حيث يطلبون منك كتابة موضوع تعبيرعن الأم فلا تجد سوى الحديث النبوى الذى يؤكد فيه النبى عليه الصلاة والسلام أن الأم هى أحق الناس بصحبتنا. قالها ثلاثاً ثم قال أبوك، ثم تركك لاندهاشك وأنت تتساءل عن الصحبة الحقة التى تجعلها تدعو لك بدعوات غريبة على منوال (نام نامت عليك حيطة) أو (قوم قامت قيامتك)، وحين تتأخر فى الرد عليها وتقول فى النهاية: نعم، تعقب هى بدورها (نعمة لما ترفسك). ناهيك عن تسليمك تسليم أهالى لوالدك الذى يعود من (شغله) حاملاً ستلزمات البيت ومعانياً من مخاض لقمة العيش فيجدها تشكو منك، وترى أنت دائماً أنها تبالغ، وأنها تدعوه لاغتيالك أو اختطافك فى ظروف غامضة.
يقول محمود درويش: «أحن إلى خبز أمى». طوبى لتلك الأيام التى كنت تأكل فيها الرز والمكرونة معجنين وحين تشكو تقول لك أمك: احمد ربنا غيرك مش لاقى ياكل. وحين (توقع) بعضاً من الطبيخ على ملابسك (غصب عنى والله يا ماما) كنت لترجف خوفاً منها، مؤكدة لك أنها (لسة مخلصة غسيل). وهو ما سيكلفك الأكل فى المرة التالية بمعايير هندسية معقدة تجعلك تأكل فى المطبخ أو على الحوض حتى لا يقع أكلك على الأنتريه الجديد والملاءات التى تم تغييرها للتو.
ستنتابك وساوس أحياناً وأنت تتساءل: هل تكرهنى أمى، وستنفى لك هى ذلك بالمثل الشهير: أدعى على ولدى واكره اللى يقول آمين، ثم أنها ستتقمص دور أمينة رزق وهى تبكى لتؤكد أن «قلبى على ولدي، وقلب ولدي عليى حجر» مع ما لذ وطاب من تهزيقك ومرمطة كرامة جنابك فى الأرض.
وفى عيد الأم كل عام ستجد نفسك تفكر أكثر فى هدية (الأبلة) على أساس أن أمك (منك وعليك) وستكتفى بكل سنة وإنتى طيبة يا أمي مع كورال غربان المدينة الذى ستقوده وأنت تغنى ست الحبايب يا حبيبة، وستنكد هى عليك فى أول زيارة لخطيبتك لتجعلهم يشاهدون صورك في صغرك فوقتها ستخجل مما تفعلة أمك.
بعد أن تتزوج ستبدأ فعلاً فى حب أمك حباً حقيقياً. سترى آلامها فى تعب زوجتك أثناء الحمل، وتعرف تضحيتها وزوجتك تغير «البامبرز» لأبنائك بينما أمك كانت تتحمل قرفك وأنت صغير دون شكوى. ستمر عليك لحظات ترى حياتك مع أمك مثل الحلم المشاهد لم تركز عليها من قبلولم تتوقع بأنك ستكون في هذه المواقف. أمك تحتضنك بفرحة. أمك تستيقظ من أحلا نومها لأن سعادتك بدويروح على ( التواليت ) أو تريد أن تشرب الماء. أمك تبكى خوفاً عليك لأنك تأخرت قليلاً وظنت أن مكروهاً حدث لك. أمك تزغرد من قلبها فرحة بنجاحك وهى توزع (المشروبات الباردة و الحلويات) على البيت و الجيران. أمك (تاكل أكل) كل من يفكر فى مضايقتك أو يقول لك كلمة تجرحك او تمس كرامتك أو(ليست على هواها). أمك تعبانة فى غسيل جرائمك و انتا في سن المراهقة وقتها لم تكن تدرك معني الحياة ولم تعرف معنى خوف الأم على أبنها الذي ينفطر اذا حل به مكروه او مصيبه ، حتى طبيخ أمك ستفتقده مهما كان الرز والمكرونة معجنين.
ستظل تفتقدها حتى لو سكنت إلى جوارها، وتفتقد شجارها معك، وتفتقد صوتها, وتفقد كل ما هو ملمسه الأم. وستشعر بحنين لتقبيلها، وسترى الآن فقط الجنة تحت قدميها بعد أن كنت تبحث عنها ولا تجدها فتزغزغها فى بطن رجليها.
تقول لأمك كل سنة وإنتى طيبة وأنت تشعر أنك لا تفيها حقها مهما قلت أو فعلت، وترفض هى أى محاولات لإجبارها على الاعتراف بالهدية التى تريدها لكنها ستضطر فى النهاية لأن تقول لك فى رضا وقناعة: أنا عايزة حقى ناشف بمزحة وهي مبتسما.
كل سنة وإنتى طيبة يا أمى، بارك الله فيك، ورحم كل أم حية وميتة، وليدرك الجميع أن الملائكة تقول للإنسان إذا ماتت أمه: ماتت التى كان يكرمك الله من أجلها.
اللهم بارك لنا فى أمهاتنا.
كل عام وانتي بخير يا أمي و اطال الله بعمرك.

omar.abukoush85@gmail.com


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 21427
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم