حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,25 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 28095

بارودة جدي

بارودة جدي

بارودة جدي

17-01-2015 01:18 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عبدالهادي يوسف شنيكات

كم نبيلة تلك الاحلام التي غفت عليها قلوب صادقة وعقول متواضعة ...كم تمنيت ان لا تنتهي تلك المسامرات التي حوت قصص غريبة كثرعلى بعض تفاصيلها الاختلاف مثلما عمَ في نهايتها الاتفاق ...كنا صغارًا وكنا ننصت خاشعين لحديث تبادله الاعمام سردوا فيه بعض مذكراتهم الشخصية واجزاءاً من بطولات اخوالهم وخلانهم... كنا نراقب تعابير وجوههم واجسادهم التي عبرت عن احداث مغامراتهم اكثر مما اتقنتها السنتهم ...وكانوا كلما ابتعد احدهم عن السرب ارجعه الاخر (بنحنحة) او قحة قوية ....وكلما أخطأ احدهم بذكر اسم او توقيت حدث عدل الاخر بكل أدب (والله اعلم انه اسمه هيك او خاف الله انها كانت الساعة 8)....برغم كل الصراعات الفردية في تولي دور البطولة وبرغم كل القصص المتعددة الاهداف والمعاني الا انهم حين كان يأتي تداخل (متعمد) من احدهم بعد ان يجلس متربعا يرفع فيه اصبعه الشاهد ويقول: بس بارودة جدي ما في زيها... كانوا جميعا يلتزمون الصمت ويحولون نظرهم في تناسق مثالي الى حائط اسمنتي علق فيه سجادة صلاة وفوقها بارودة متجهة صوب الغرب.......
تلك الصورة التعبيرية كانت قد لخصت تاريخ في حياتنا, ايمان عميق في أن لن تكون على الارض بارودة مثل بارودة جدي ...في ذلك الوقت لم نهتم بعيار البارودة ولا بلد المنشأ ولا حتى كيف حصل عليها, الشيء الوحيد الذي كان يلهمنا جميعاً انه قتل بها ثلالة اعداء حاولوا اغتصاب ارض اخوه...
وتمر الايام وتتكالب علينا السنين وتضيع تفاصيل قصص الاعمام مع جبروت السنين وتزاحم والازلام, وتختفي بارودة جدي ....ومع محاولاتنا الجادة في البحث المستمر عنها ومع شكنا بان احد الاعمام قد استولى عليها (لطشها) فقد باءت جميع جهودنا بالفشل في العثور عليها ...كانت جدتي صاحبة الغليون مثيرة للاهتمام , تهمس تارة, تبكي تارة , تبتسم ابتسامة استهزاء , لم تهزنا تلك الابتسامة مثل ما هزنا ضعفنا بمعرفة ابعادها , ولكننا في النهاية استطعنا (الاستعانة بصديق) علنا نعرف مكان البارودة او سر ابتسامة جدتي ... وكان الصديق (ختيارة صاحية) اخبرناها بالقصة ثم ذهبت لجدتي لتستقصي الخبر : وحتى لا نثقل عليها رجعنا اليها بعد فترة من الزمن علنا نجد الدواء لعليل الرجاء , وبالفعل قادتنا قلوبنا متحمسين لصديقتنا العزيزة متلهفين لنسمع ما جاءت به . وفي برهة رجعنا الى طفولتنا ,وكأن (دوخة) و (لفة راس) اصابتنا حين رأينا صورة (طبق الاصل) من ابتسامة جدتي على شفاه تلك العجوز ولكنها اعقبتها بكلمات( اقعدوا يا هبايل).... جلسنا وأمرت من حولها حين لم نرى احد حولها بأبريق شاي ...تنهدت ثم قالت بجمل سريعة ( البارودة اللي كانت معلقة مش بارودة جدتكوا) بارودة جدتكوا صادروها الانجليز من زمان ...البارودة المعلقة( يا جدة هاي) بارودة السمسار (فلان الفلاني) اللي ذبحه جدكوا...
سنين مضت ولم نستطيع ان نذكر (طاري ) البارودة ...ماتت جدتي وماتت الصديقة ....ولكننا استطعنا على الاقل من معرفة السمسار صاحب البارودة


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 28095
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم