حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 30586

ابتلاء العلماء الصادقين والدعاة العاملين

ابتلاء العلماء الصادقين والدعاة العاملين

ابتلاء العلماء الصادقين والدعاة العاملين

22-12-2014 04:27 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - محنة أنس بن مالك رضي الله عنه:
كان الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أحد من أصابه البلاء، ونزلت به المحنة، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وانقضاء الخلافة الراشدة، فقد ابتلي أيام الأمويين
، وخاصة أيام الحجاج بن يوسف الثقفي، وعند النظر في كتب التاريخ والتراجم فإنه يمكن لنا وصف تلك المحن التي وقع فيها أنس بن مالك رضي الله عنه من خلال الأمور التالية:
1- عن سبب محنة أنس بن مالك رضي الله عنه؛ يقول الشيخ عبد الحميد طهماز: "وولايته على البصرة لابن الزبير كانت من الأسباب التي عرضته لمحنته الكبرى على يد الحجاج بن يوسف الثقفي".

2- بدرت من الحجاج تصرفات أنكرها أنس بن مالك رضي الله عنه، ومن هذه الأمور، تأخير الحجاج للصلاة عن وقتها، فعن ثابت البناني قال: كنا مع أنس بن مالك، فأخر الحجاج الصلاة، فقام أنس يريد أن يكلمه، فنهاه إخوانه شفقة عليه منه، فخرج فركب دابته، فقال في مسيره ذلك: والله ما أعرف شيئاً مما كنا عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شهادة أن لا إله إلا الله، فقال رجل: فالصلاة يا أبا حمزة؟ قال: الظهر عند المغرب، أفتلك كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

3- وقد كان لأنس بن مالك يد في ثورة القراء على الأمويين، وكانت تلك الثورة بقيادة عبدالرحمن بن الأشعث، وفي وصف صلة أنس بها؛ يقول الأستاذ طهماز حفظه الله: وكانت ثورة القراء هذه زعامة ابن الأشعث، أكبر خطر هدد الحجاج، فقد زعزعت أركان الخلافة الأموية في دمشق، حتى أرسل الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان يساوم قائدها على إنهائها مقابل عزل الحجاج عن العراق، ومن الطبيعي أن يكون لأنس يد في هذه الثورة، لأنه لم يكن راضياً عن الحجاج وتصرفاته في العراق، ولم ينس أنس أن الحجاج هو الذي قتل عبدالله ابن الزبير بعد أن حاصره في مكة، وكان أنس موالياً له، وقد مرّ معنا أنه كان واليا لعبد الله بن الزبير على البصرة لبعض الوقت، هذا وقد صرّح بعض المؤرخين بأن أنساً كان يؤلب على الحجاج.

4- لهذا كله فقد أساء الحجاج إلى أنس بن مالك ووسم يده بأنه عتيق الحجاج، حتى سجل المؤرخون ذلك، فقد الذهبي في السير بسنده عن أزهر بن عبدالله قال: كنت في الخيل الذي بيتوا أنس بن مالك، وكان ممن يؤلب على الحجاج، وكان مع ابن الأشعث، فاتوا به إلى الحجاج فوسم يده، عتيق الحجاج، وروى بن علي بن زيد قال: كنت بالقصر، والحجاج يعرض الناس ليالي ابن الأشعث، فجاء أنس، فقال الحجاج: يا خبيث، جوال في الفتن، مرّة مع علي، ومرّة مع ابن الزبير، ومرّة مع ابن الأشعث، أما والذي نفسي بيده! لاستأصلنك كما تستأصل الصمغة، ولأجردنك كما يجرد الضب.
قال: يقول أنس: من يعني الأمير؟
قال: إياك أعني أصمّ الله سمعك.
قال: فاسترجع أنس وشغل الحجاج، فخرج أنس، وتبعناه إلى الرحبة، فقال: لولا إني ذكرت ولدي، وخشيت عليهم بعدي لكلمته بكلام لا يستحييني بعده أبداً.
5- كما أن الحجاج قد أمر أن يُطاف بأنس بعد ختمه بين جند الشام تشهيراً به.
6- كما حاول الحجاج قتل أنس بالطعن في عنقه، وإليك الخبر التالي: لما دخل أنس بن مالك رضي الله عنه على الحجاج أمر أن يوجأ في عنقه - أي يضرب ويطعن في عنقه - ثم قال: يا أهل الشام! أتعرفون هذا؟ هذا خادم رسول الله صلى الله وسلم، ثم قال: أتدرون لمَ وجأت عنقه؟ قالوا: الأمير أعلم، قال: إنه كان بيّن البلاء في الفتنة الأولى، وغاش الصدر في الفتنة الأخيرة.
7- وقد شكا أنس بن مالك ما فعل الحجاج به إلى عبدالملك حيث كتب إليه: أرأيتم لو أتاكم خادم موسى أكنتم تؤذونه؟ فكتب عبدالملك إلى الحجاج: أن دعه، فليسكن حيثما شاء من الأرض ولا تعرض له، وكتب إلى أنس أنه ليس لأحد عليك سلطان دوني.

8- وبعد وفاة عبدالملك لم يسلم أنس من أذى الحجاج، حتى اضطره إلى الرحيل إلى دمشق لشكواه إلى الوليد بن عبدالملك، وفي هذا يقول أحد مترجميه: ويبدو أن الحجاج عاد مرّة ثانية إلى إيذاء أنس، والتعرض له بعد وفاة عبدالملك، مما اضطر أنس بن مالك أن يسافر إلى دمشق ليشكو الحجاج إلى الوليد بن عبدالملك من خلال هذه الأمور التي ذكرت هنا يمكن لنا أن نلم بجوانب المحنة الظالمة التي ألمت بالصحابي الجليل خادم رسول الله عليه وسلم، وألقت بثقلها عليه، رغم كبر سنه، وحسن سابقته، وعظيم فضله، ومرافقته للرسول صلى الله عليه وسلم وخدمته له السنين الطوال، إلا أن ذلك لم يشفع له شيئاً عند الحجاج، ولم يخفف عنه الأذى، ولم يوجد عند الحجاج عذراً لترك هذا الشيخ الكبير وحاله، وعدم التعرض له بالأذى والمضايقة التي أوصلته إلى حال السفر من بلده إلى الشام لأجل أن يشكو ظلامته إلى الخليفة الوليد بن عبدالملك.

وفي هذا من التنبيه على طبيعة المحنة، وشدة أذاها ما فيه، ذلك لأن الفتنة لا تعرف صاحب قدر من غيره، ولا تفرق بين صغير ولا كبير، ولا غني ولا فقير، فهي ملمة نازلة بالكرام، تدق ضلوعهم وعظامهم بثقلها حتى يخلصهم الله تبارك وتعالى منها، وهو يتولى الصالحين، ويرعى المؤمنين، ويخفف عنهم البلاء والفتن والمصائب، ويسهل عليهم المصاعب، وهو المستعان. "د. محمد أبو صعيليك "


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 30586

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم