حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 15859

مفهوم الخلافة في الاسلام و خدمة الانسانية

مفهوم الخلافة في الاسلام و خدمة الانسانية

مفهوم الخلافة في الاسلام و خدمة الانسانية

22-12-2014 10:16 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - مهمة الإنسان عمارة الأرض، ولهــــــذا خُلـــــق }هُوَ أَنشَأَكُم مّنَ الأَرض وَاستَعمــــــــَرَكُم فيــــــهَا{، }إنّي جَاعلٌ في الأَرض خَليفَةً{.

الملائكة ظنوا أنفسهم أهلاً للخلافة بالتسبيح والتقديس، فكشف الله لهم أن المهمة لا تتم بمجرد هذا، هي مهمة البناء والكدح والإحياء، مهمة لا يقوم بها إلا من كان مخلوقاً من الأرض!
المهمة إذاً منوطةٌ بمن أصله الطين والتراب والماء.

الخلافة والاستعمار في الأرض يجعل الكشف والبناء والعلم والاختراع لخدمة الإنسانية مهمة ربانية، وليست أمراً هامشيا اًو ثانوياً.

الإنسان خُلق ليستخلف، وليس ليكون نسخة أخرى من الملائكة }نُسَبّحُ بحَمدكَ وَنُقَدّسُ لَكَ{.
والاستخلاف هو عمارة الأرض بحسب نظام الله.
التسبيح والذكر هو عون ومدد لإنجاز المهمة والصبر على تبعاتها وتكاليفها ومشقاتها.
والصلة بالله هي للأمل، والحب، والتسامح، والنجاح، والسعادة في الدنيا والآخرة.
ليست الخلافة بالمفهوم السياسي فحسب، بل بالمفهوم الحياتي والمعرفي والإنساني الواسع.
- الله حاضر لا يغيب، وفي حديث السفر: "اللهُمَّ أَنتَ الصَّاحبُ فى السَّفَر وَالخَليفَةُ فى الأَهل".
ويقرب جداً أن يكون آدم وذريته خلفاً لسلف من أمم كانت على الأرض وأفسدت وسفكت الدماء كما في قوله: }وَرَبُّكَ الغَنيُّ ذُو الرَّحمَة إن يَشَأ يُذهبكُم وَيَستَخلف من بَعدكُم مَّا يَشَاء كَمَآ أَنشَأَكُم مّن ذُرّيَّة قَومٍ آخَرينَ{.
فقوله : }وَيَستَخلف من بَعدكُم..{ يرشد لذلك.
- وجود حالات سابقة في الأرض ظلمت فأُبيدت؛ أمر ظاهر، وإن اختلف في تفصيله.
تخوّف الملائكة كان مبنياً على مشاهدة وليس مجرد حدس، وظاهر السياق أن ثمَّ مخلوقات على الأرض كانت من لحم ودم، ولذلك عرفت الملائكة الدماء وتخوّفت من سفكها.
تحذير الله لآدم وحواء إن عصوا بقوله: }وَلاَ تَقرَبَا هَذه الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا منَ الظَّالمينَ{، يحتمل وجود ظالمين يحذر آدم وزوجه أن يكونوا منهم.
قول الشيطان: }هَل أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَة الخُلد وَمُلكٍ لَّا يَبلَى{، قد يكون تلميحاً إلى الملك الذي بلي وباد في الأرض قبل آدم.
- الطبري، والمسعودي، وابن كثير، وغيرهم ذكروا أجناساً كانت في الأرض قبل آدم.
قال المسعودي: خلق الله في الأرض قبل آدم 28 أمة على خلَق مختلفة.
- وفي التنزيل: }وَالجَآنَّ خَلَقنَاهُ من قَبلُ من نَّار السَّمُوم{، والجن كانوا قبل الإنس ومعهم مخلوقات أخرى اختلف المؤرخون في أسمائها.
نقل عن محمد بن علي الباقر أنه قال: (قد انقضى قبل آدم ألف آدم). والله أعلم بصحة الخبر فهو من الإسرائيليات، وانظر ما نقله "محمد رشيد رضا" في المنار في تفسير سورة النساء: }خَلَقَكُم مّن نَّفسٍ وَاحدَةٍ{.
أثبتت الدراسات العلمية الحديثة والأحافير وجود مخلوقات منتصبة القامة كالإنسان قبل آدم، ولكنها أصغر جمجمة وأقل ذكاءً.
ومنها ما يسمى بـ (النندرتالز) الذي كشفت عظامه في مواقع أثرية كثيرة في أوروبا والشرق الأوسط، وتم التأكد من اختلاف جيناته الوراثية عن الإنسان الآدمي.
وفي جبال الكرمل (فلسطين) مقابر مختلطة لكلا النوعين، مما يدل على أن ذلك المخلوق بقي على نطاق ضيق، ولفترة محدودة، والله أعلم.
كان همجياً سفّاكاً للدماء كما تدل عليه أكوام العظام حول المغارات والكهوف، ولم يكن لديه أسرة بالمعنى الصحيح ولا كان يلبس ويستر عورته.
واستمر لأحقاب لا يعلمها إلا الله ثم انقرض لأسباب غير معلومة.
}إن يَشَأ يُذهبكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأت بآخَرينَ{.
}إن يَشَأ يُذهبكُم وَيَأت بخَلقٍ جَديدٍ{.
- من خصائص المستخلف سعة العقل والتفكير، وعدم التسرع في النفي القطعي أو الإثبات القطعي إلا بحجة.
حين تقرأ عن مستخلف كان يزاحمنا على الأرض تشعر بالاتساع والتفوق والمزية، وتحس للكون بطعم جديد.
المعلومة ليست مجرد معرفة إنها روح، وفرح، وانفعال، وتعاطٍ، وإيجابية، وتغيير، وتوظيف، وحب، وإيمان.
المعلومة هي (بشرى) كما لو بُشّرت بمولود جديد أو خبر سعيد.
والكثيرون يبادرون برفض وجود مخلوقات في السماوات أو الكواكب أو في الأرض قبلنا دون سبب.
عليك ألا تُكذّب بما أخبر الله عنه من وجود الجن والملائكة ونحوها، أما المسكوت فهو قابل للنفي والإثبات، وليست المسألة شرعية يحاسب عليها العبد يوم القيامة، ولكنها (عادة علمية).
}بَل كَذَّبُوا بمَا لَم يُحيطُوا بعلمه وَلَمَّا يَأتهم تَأويلُهُ{.
سئل علي: هل الكعبة أول بيت لله؟ قال لا؛ بل قبله بيوت، ولكنه أول بيت وضع للناس. (رواه ابن أبي حاتم، وصححه ابن حجر 6/290).
- استصحاب حالة الخليفة الأول حجاب عن الطغيان أياً كان، طغيان العلم أو القوة أو المال.
آدم بدأ فرداً وحيداً مستوحشاً وتوالد وامتد وكثر، وينتهي كذلك: }يَومَ يَفرُّ المَرءُ من أَخيه. وَأُمّه وَأَبيه. وَصَاحبَته وَبَنيه{.
وفي سورة الانفطار جمع البداية والنهاية: }يَا أَيُّهَا الإنسَانُ مَا غَرَّكَ برَبّكَ الكَريم. الَّذي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ. في أَيّ صُورَةٍ ما شَاء رَكَّبَكَ{؟ وختم بـ}يَومَ لا تَملكُ نَفسٌ لّنَفسٍ شَيئاً وَالأَمرُ يَومَئذٍ لله{.
- مع توسيع مفهوم الخلافة إلا أن القصة تؤكد أن الإنسان كائن سياسي.
الإدارة أساس العمارة، ولا بد أن آدم أدار ما حوله من أمر الأسرة وتوزيع الأدوار وحل المشكلات بطريقة مناسبة، وسعى إلى معرفة نواميس الكون من حوله: }وَاللهُ أَخرَجَكُم مّن بُطُون أُمَّهَاتكُم لاَ تَعلَمُونَ شَيئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصَارَ وَالأَفئدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ{.
حين أغراه الشيطان بالملك كان يدرك أن هذا المعنى يحرك وجدانه، وأنه يخاطب غريزة مركوزة فيه، وحين قال: }وَمُلكٍ لَّا يَبلَى{، كان يدري أن البشر سيحرصون على ديمومة سلطانهم ويدافعون أسباب الزوال بحكمة حيناً، وبغضب وطغيان حيناً آخر.
- سبب هلاك السابقين: الفساد، القتل، وأساس النجاح هو حفظ الحقوق والإصلاح.
}كَلا إنَّ الإنسَانَ لَيَطغَى. أَن رآهُ استَغنَى{، ولذا كان الله ينصر العدل ولو كان كافراً، ولا ينصر الظلم ولو كان مسلماً.
- الإنسان كائن مندهش، تحمله الدهشة على المراقبة والمحاكاة والتطوير والاقتباس، وهو سر اكتشاف الكون، وتراكم المعرفة وتداولها بين الأمم، وأحد شروط نجاح الاستخلاف.
- في لحظة حماس كنت مهموماً بالشأن البعيد حيث تنحصر دائرة تأثيري في كلمة.
هذه الكلمة كان يفتقدها القريب مني، ربما بسبب توتر الأعصاب من مشاهدة سياق الأحداث وكيف تسير..
قد يكون القريب أجدر بخيري، وكلمتي الطيبة يجب أن تسمعها زوجتي وبنتي وأختي قبل غيرهم.
قد أغامر في دعم مشروع مسؤوليتي فيه محدودة، ونجاحه محتمل، فهل هذا يعفيني من زرع الفسيلة الصغيرة في حقلي؟ هل يعفيني من تعاهد طفلي؟ هل يسوغ الجفاء في حق أهلي؟
- الخلافة ليست تسلطاً على الناس بالأحكام، فلماذا أقضي جزءاً من عمري في ملاحقة الآخرين واتهامهم وتصنيفهم، ألم يكن الأجدر بي أن أقوم بمهمتي عبر عزل غصن الشوك عن طريقهم؟ وأن أدع أمرهم لخالقهم؟
كنت أظن الخلافة معنى خاصاً بآدم، أو بأصحاب المسؤولية الكبرى، ثم تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُم رَاعٍ، وَكُلُّكُم مَسؤولٌ عَن رَعيَّته"، حتى ذكر الرجل والمرأة والخادم.
سألت نفسي: ما الذي سيتغير في شخصيتي وحياتي وتعاملي مع الأشياء من حولي لو استشعرت مفهوم أنني مستخلف على هذه المسئولية مهما صغرت ومسؤول عنها أَحَفظتُ أم ضَيَّعتُ؟ وأن بذلك نجاتي أو عطبي؟


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 15859

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم