حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 16154

اتفاقية الغاز بين الربح الاقتصادي الآني والخسائر السياسية الفادحة

اتفاقية الغاز بين الربح الاقتصادي الآني والخسائر السياسية الفادحة

اتفاقية الغاز بين الربح الاقتصادي الآني والخسائر السياسية الفادحة

21-12-2014 04:54 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : يحيى صالح برهم القضاه

دار في الايام الاخيرة حدث وجدل واسع بين الأوساط الحكومية والسياسية والشعبية حول امكانية توقيع الاردن اتفاقية غاز مع اسرائيل لا سيما بعد انقطاع الغاز المصري المتكرر عن الاردن فبحسب الرأي الرسمي للحكومة الاردنية ان السبب الرئيسي وراء المباحثات الاردنية الاسرائيلية في ابرام مثل هذه الاتفاقية هو الوضع الاقتصادي والتي تعتبرها الحكومة الاردنية هو الخيار الأمثل والأنسب في ظل معارضة شعبية واسعة لهذه الاتفاقية . لكن التساؤل الاهم والذي يجب ان تتم الاجابة عليه بحياد تام ، ما هي المكاسب التي ستحققها الاردن جراء توقيع هذه الاتفاقية فيما لو تمت ؟ وما هي الخسائر والنتائج المحتملة التي ستلحق بالأردن فيما لو تم توقيع هذه الاتفاقية ؟
بداية وللإجابة على مثل هذه التساؤلات يجب الإشارة انه لا يمكن لمقال او ورقة بحثية بسيطة ان تقدم اجابة واسعة عن جميع الاثار المترتبة على الاردن فيما لو تم توقيع هذه الاتفاقية ، ولكن يمكننا الاشارة إلى بعضها من خلال الاستدلال ببعض المؤشرات للمقارنة بين مكاسب وخسائر هذه الاتفاقية وأثارها المحتملة سواء الايجابية أو السلبية ، فمن جانب ما يمكن تحقيقه من مكاسب بالنسبة للأردن متمثل في الجانب الاقتصادي والتخفيف من حدة أزمة الطاقة ومن المتوقع ان يوفر بما لا يقل عن 1.4 مليار دولار من التكاليف السنوية لواردات الطاقة ، يبدو للوهلة الاولى ان أهم المكاسب التي سيحققها الاردن هي ضمان توفير الطاقة في البلاد لمدة تتراوح ما بين 15 - 20 عام في ظل انقطاع الغاز المصري المتكرر عن الاردن ــ حيث أنني انأى بنفسي للإشارة في هذا المقال عن احتمالية ان تكون لإسرائيل يد في ذلك ــ والذي الحق الضرر بشركة الكهرباء الوطنية والتي قدرت خسائرها بـ 6.6 مليار دولار .
ومن جانب أخر وعند الحديث عن النتائج السلبية لهذه الاتفاقية فيما لو تمت سنجد بان اول الخسائر التي ستلحق بالأردن على المدى المتوسط هي نتائج اقتصادية سلبية والمتمثلة في التطبيع الاقتصادي حيث ستكون هذه الاتفاقية بوابة البداية لبدء اتفاقيات اقتصادية قادمة بين الطرفين والذي سيؤدي إلى انفتاح الاقتصادين الاردني والاسرائيلي على بعض وهو ما سيجعل حدة التنافس بين المنتجات الاردنية والاسرائيلية داخل الاردن أمر واقعي لا احتمالي وفي ظل جودة المنتج الإسرائيلي وتفوقه على المنتج الاردني كماً ونوعاُ وسعراً بحكم التطور التكنولوجي والاقتصادي سيجعل المنتج الاردني يعيش حالات كساد وبالتالي الوصول إلى مرحلة الانهيار وهو ما سيلحق الضرر بالاقتصاد الاردني على المدى المتوسط والبعيد وربطه برأس المال الإسرائيلي وهذا ما سيفتح المجال للتحكم بسياسة الاردن الاقتصادية في القادم ، هذا من جانب تأثيره على الاقتصاد الاردني .
ومن جانب أخر فان هذه الاتفاقية ستشكل مثلث اسرائيلي - اردني - فلسطيني "والمتمثل في السلطة الفلسطينية " لبداية الدخول للاقتصاد العربي بشكل أسرع مما هو عليه الحال الآن ، وبالتالي فان ذلك سيجعل اسرائيل أكثر سيطرة على طرق ومسارات التجارة في العالم العربي حيث ستبدأ الاقتصادات العربية بالالتحاق التدريجي في هذا التطبيع الاقتصادي وهو ما سيؤدي إلى أعلى درجات التطبيع الاسرائيلي - العربي وهذا يهيئ المجال والمناخ لتشجيع هجرة اليهود في العالم إلى دولة اسرائيل والتي تعيش بعلاقات مميزة مع جيرانها حيث تصل نسبة اليهود الذين يعيشون في دولة اسرائيل ما نسبته 29% تقريبا من يهود العالم وفيما لو وصل التطبيع العربي الاسرائيلي أفضل حالته سيكون ذلك دافع قوي لزيادة أعداد الهجرات اليهودية لإسرائيل حيث تشير استطلاعات الراي العالمية أن أحد أهم الاسباب في انكفاء وتراجع هجرات اليهود إلى اسرائيل هي علاقاتها غير الودية مع دول الجوار على الرغم من توقيع اتفاقيات سلام عربية ـ إسرائيلية.
إن زيادة نسبة واعداد هجرات اليهود إلى اسرائيل سيجعل الكثافة السكانية داخل اسرائيل تزداد بشكل متسارع حيث سيكون الخيار الإسرائيلي الأمثل لحل هذه المشكلة في تلك الفترة هو التوسع على حساب الدول المجاورة وهو ما يحقق الهدف الاسمى بالنسبة لها وهو قيام دولة اسرائيل الكبرى لا سيما أن اسرائيل تسعى لتكون الدولة المركز في المنطقة .
إن مفهوم التطبيع والذي يعني بأبسط تعريفاته ؛ إعادة صياغة العلاقة بين بلدين أو أكثر في جميع المجالات السياسية والاقتصادية الثقافية ...الخ، بحيث تصبح العلاقة بين الاطراف طبيعية ، فالتطبيع يترك العديد من الاثار السلبية لا سيما التطبيع الثقافي والذي يعتبر أنكى وأخطر أنواع التطبيع لأنه وثيق الصلة بإعادة صياغة نمط الحياة والسلوك والقيم والانتماء وطبيعة الولاء في أي مجتمع فهو يمثل تهديد للثقافة بالانكفاء التراجع وبالتالي الذوبان والاختفاء والزوال ، إن اتفاقية الغاز بين الاردن واسرائيل إذا تمت ستكون بوابة ثالثة لبداية التطبيع الثقافي بعد التطبيع السياسي ــ ومن مؤشراته اتفاقية وادي عربة ـ والتي تركت أثار كارثية على الاردن نحن ليس بصدد الحديث عنها .
وبالعودة إلى خطورة التطبيع الثقافي والذي تكمن خطورته عندما يكون بين شعبين الاول متطور ومتفوق سياسيا وعسكريا واقتصاديا وتكنولوجيا واعلاميا ...الخ ،بينما الثاني يعيش في أزمات سياسية وعسكرية واقتصادية وتكنولوجية واعلامية حيث يصبح الاعتقاد لدى الاجيال القادمة أن سبب تفوق الاول هو التفوق القيمي والثقافي الاخلاقي وهو ما يجعل الشعب الثاني أن يسلك نمط حياة جديدة نتيجة هذا التطبيع.
بناء على ما سبق ، وعند المقارنة ما بين إيجابيات وسلبيات اتفاقية الغاز الاردنية – الإسرائيلية يجب الاعتراف ومما لا يدع موضع للريب أن هذه الاتفاقية فيما لو تمت ستترك أثار سلبية على البلاد والعباد لا يحمد عقباها فهي ستكون بداية للتطبيع الاقتصادي ثم الثقافي وهو يضع كيان الدولة الاردنية موضع الخطر في السنوات القادمة ــ لا قدر الله ــ ، وستجعل الامن القومي الاردني عرضة للطامعين . وللحديث بقية .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 16154
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم