حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 84466

الماضي الجميل .. الحاضر المجنون .. والمستقبل المجهول !!

الماضي الجميل .. الحاضر المجنون .. والمستقبل المجهول !!

الماضي الجميل ..  الحاضر المجنون .. والمستقبل المجهول !!

01-11-2014 12:36 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عصمت حداد

كثيراً ما نسمع كبارنا و آبائنا وأمهاتنا أمد الله في أعمارهم وكساهم ثوب الصحة والعافية يتحدثون عن قصص الماضي وعن ظروفهم الصعبة وبحثهم الشاق والصعب عن لقمة العيش، ومع كل هذا أجدهم يتكلمون بفرح ولهفة وسعادة كبيرة عن تلك الأيام وعن تلك الظروف الصعبة ، ودائماً ما ينهوا حديثهم بالتحسر والتمني لهذه الأيام ليختمون بنفس العبارة " تغيرت الحياة وانقلب كل شيء" .

ففي زمن البساطة والمحبة كان الجميع يتشاركون في تربية وتنشئة الأجيال، وكانت هذه المجتمعات تشارك الآباء في تربية صغارهم وأبنائهم بروح المحبة والنخوة وروابط الدم والقربى؛ فالجد مربي والعم مربي والخال مربي والأستاذ والجار الصادق مربين، ولهذا وجدنا جيلاً صالحاً يحمل كل قيم ومعاني ذاك الزمان. بينما في عصرنا هذا يرفض الآباءُ أن يشاركهم احدٌ في تربية أبنائهم، ويعتبرونه متطفل عليهم، والأمر الغريب والعجيب المناقض أنهم يسمحون للخدم تربية أبنائهم وصغارهم بحجة كثرة مشاغلهم وعدم توفر الوقت لديهم لتربية الأبناء ورعايتهم ، مع العلم أن غالبية هؤلاء الخدم يأتون من مجتمعات تختلف عنا في الثقافات والعادات وتمتليء بالفساد والانحطاط الخلقي ، مما ينعكس سلباً على سلوك وثقافة وتنشئة الأبناء.

في الماضي الجميل كانت العائلة كلها تجتمع لتفطر وتتغذى وتتعشى على سفرة واحدة أمام مدفأة الحطب أو الكاز وكنا في ذروة المحبة والسعادة . وفي الحاضر المجنون الأب يأخذ "سندويشة" للعمل، والأم قد تفطر أو لا تفطر لأنها إما (مستعجلة) أو من اجل "الريجيم" ، أما الأولاد فلهم مصروفهم للوجبات السريعة الملوثة والهمبرغر المسموم.

أما وسائل الإعلام وفضائياتنا الهابطة التي تسوق اغلبها الأفكار الهدامة ... فحدث ولا حرج ؛ فبعد أن كنا نلتف بالأمس القريب حول الكبار والشيوخ ونسمع منهم أجمل الحكايات والقصص، وكان صوت المطر و نباح الكلاب أو حتى شخير القطط الموسيقى التصويرية التي ترافق هذه الحكايات، أصبح اليوم عمي وخالي وجدي التلفزيون ، والإنترنيت ، "والبليستيشن" والحكايات لا تعد ولا تحصى منها الأكشن ، قتل ، دمار، خيانة، كذب، دم، سرقة، وأفلام تجارية فارغة المحتوى وخاوية المضمون هدفها فقط جذب الناس.

من يرى حياتنا المليئة بالبذخ والجشع والطمع التي نعيشها اليوم، يترحم ويتألم على حياتنا الماضية النقية المليئة بالبساطة، فكثيرون هذه الأيام أصبح شغلهم الشاغل وهمهم في الحياة بناء وشراء المباني والعقارات الفخمة وتأثيثها بشكل مبالغ فيه ، وقد تكون اغلب الغرف خاليه لا يسكنها احد، بعكس الماضي، فالمنزل بسيط وصغير ويجمع أفراد العائلة كلها .


أيام لها طعم وسعادة وشعور الأخوة والمحبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أما الان فقد تفرقت الأسرة ولا احد يعلم عن أخيه شيئاً، ولا تجتمع الأسرة إلا في المناسبات، ففي الماضي كانت البيوت مليئة بالمشاعر الطيبة والأخوية ، بينما في عصرنا الحالي أصبح القريب لا يعرف صلة الرحم، والجار لا يسأل عن جاره، والمحتاج لا يجد من يلبي حاجته، وهكذا انقلبت القيم إلي أضدادها، والمبادئ إلى عكسها، ووجدت أرضية صالحة وخصبة لنمو السلبيات وانتشارها بين أفراد المجتمع الواحد.

وهنا وبكل تأكيد ... ليس المطلوب أن نعيش (في) الماضي، وإنّما (مع) الماضي، والفرق شاسع؛ فالعيش في الماضي يأسر الإنسان في سجن اليأس ويحول بينه وبين نظرته نحو المستقبل، ويمنعه من الانطلاق نحو الأفضل. أمّا العيش مع الماضي، فهو كالذي ينظر في مرآة السّيّارة، اّلتي تساعده على النّظر إلى الخلف، كي يستطيع السير والتقدم إلى الأمام .لذلك فإن المقارنة بين الماضي والحاضر والمستقبل لا تعني أن يلغي أحدهما الآخر، لأن الحاضر امتداد للماضي، وإضافة للمستقبل، وبهذا التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، تبني الشعوب حضارتها وتبني الأمم أمجادها.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 84466
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم