حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,25 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 16059

فيلم «جمعية الشعـــراء الموتــــى» .. التمــرد على الوصايـــة علـــى الأفكار

فيلم «جمعية الشعـــراء الموتــــى» .. التمــرد على الوصايـــة علـــى الأفكار

فيلم «جمعية الشعـــراء الموتــــى» ..  التمــرد على الوصايـــة علـــى الأفكار

25-10-2014 10:59 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - قليلة هي الافلام التي تتمرد على هيمنة هيوليوود، وتطرح افكارا تقدمية، متمردة على واقع ما، من هذه الافلام واكثرها شهرة، فيلم، جمعية الشعراء الموتى، للمخرج الاسترالي بيتر وير، ومن بطولة النجم الراحل روبن وليامز، وعن السيناريو الحاصل على جائزة الاوسكار للكاتب توم شولمان.
الفيلم بعيد عن الرتابة، والقوالب الجامدة، وتحنيط العقل والفكر، والحجر عليه بحجة تاهيل صاحبه، ليكون فاعلا ومرموقا في المجتمع المستقبلي، وكسر كل هذه القواعد التي توافقت عليهم المؤسسة التعليمية مع المجتمع، ليكون الضحايا هم طلاب المدارس، الذين يتم حشو ادمغتهم بالمعلومة، وبالحد الادنى من تدخلهم، او ابراز شخصيتهم، او السماح لهم بتخطي حواجز الممنوعات التي وضعتها المدرسة.
يفتح الفيلم على اليوم الاول لاكاديمية، ويلتون، ببنائها، واثاثها الثقيل، ومفرداة مكوناتها التي توحي بالرزانة، وبالطبع طاقم التدريس ومديرها، حيث المشية والاستعراض للطلبة، بملابسهم التي تعكس روح الاكاديمية، والشعارات المرفوعة على الاعلام بايدي الطلبة، التي تشكل بعضا من عناوين منهج الاكاديمية. هذا الاستهلال الذي يضع المتلقي في اجواء نفسانية، يقرأ من خلالها طبيعة النظام الصارم، واساليب الدراسة، ونوعية المدرسين، لكن كل هذه الكتلة الهائلة من التاريخ والتقاليد، والمنهج، والتأنق المبالغ فيه، والعناوين الاربعة التي تقوم عليها الاكاديمية، القاليد، الشرف، الانضباط، التفوق، هذه العناوين التي يرددها الطلاب في يومهم الاول، لتكون بمثابة محددات لسنوات دراستهم اللاحقة في الاكاديمية، كل هذا يتزحزح ولا يصمد، بمجرد وصول استاذ الادب الانجليزي الجديد، جون كيتنغ "روبن وليامز" وهو اصلا ابن الاكاديمية، وخريجها المتفوق، لكنه يؤمن بالحرية، وملاحقة الحلم، حيث ان هاتين المفردتين هما مفتاح النزوح نحو افاق الابداع الرحبة، ونحو ممارسة الطالب لانسانيته، بدون تدخل، وتلمسه طريقه بحرية الاختيار، والانتقاء حسب ما يلائم شخصيته، وروحه، بعيدا عن الهيمنة والتلقين، والوصاية.
الاستاذ كيتنغ امام مسؤولية كبيرة، ومهمة صعبة، فكيف يستطيع ان يخرج هولاء الطلبة من اسار هيمنة المدرسة، والمنهج، ومن ذلك الخوف القابع في نفوسهم ؟ لذلك لا بد من استفزاز تلك الطاقة الكامنة والمقموعة من الجمال والرغبة بالمعرفة في دواخلهم، يخرج بهم بعيدا عن اجواء الصف القاتمة، ويستعرض صورا لخريجين، ويستحضر لهم مأثورات، ويسألهم عن الذي قال جملة ايها القبطان، ياقبطاني، قاصدا بالقبطان، محرر عبيد امريكا ابراهيم لنكولن، واستحضار اسم لنكولن، هنا ليس عبثيا، انما له علاقة بالطاقة والتحرر، ويقول لهم باستطاعتكم مناداتي بالقبطان، كاسرا بذلك واحدة من الحلقات، وهو اللقب الاكاديمي المقدس في الاكاديمية، ولاحقا يطلب منهم قراءات شعرية، فيها ذلك النفس القريب لاشعار عمر الخيام، حيث تلك الزهرة الجميلة التي نستمتع بها الان، ربما انها تتغذى من جسد الشاعر الذي تغنى بالجمال، فهو يريدهم ان ينزعوا عن ارواحهم تلك الظلال التي تحجب الرؤية، والجمال، والاحساس بالحياة، والتفاعل مع مفردات الجمال الكثيرة، الموجودة حول كل من أنار روحه بالشغف.
ويعزز هذا الاحساس لدى طلبته، عندما يستخدم الصورة، التي يتم توظيف دلالاتها الجمالية والمعرفية، فالصورة ثابتة، جامدة الملامح، وهو يريد ان يكون اثرهم هو الخالد، وابداعهم، الذي يراكم فوق ابداعات اخرين يشبهونهم. وحتى تتحرر ارواحهم ومخيلتهم الغضة من كل ماعلق بها من شروط، وقيود، ومحددات تضيق على ارواحهم.
والمنهج الدراسي، وطريقة تدريسه، وحشوه بادمغة الطلبة، هو من محددات الابداع، لذلك لا بد من اطلاق العقل في فضاءات لا متناهية، ويطلب منهم ان يفتحوا على مقدمة كتاب الشعر المقرر في المنهج، هذه المقدمة التي تحدد كيفية قراءة الشعر، وتقويمه، والاحساس به، في قاعدة اقرب الى الرياضيات منها لاي شيء اخر. ويطلب من الطلبة ان يمزقوا هذه المقدمة، التي هي بمثابة مقصلة للتفكير، وعنوان لتحديد العقل وتأطيره، ويحرضهم، كيتتنغ، على التماهي مع المعنى، وفتح النوافذ لاحاسيسهم، والتحليق مع الدلالات والجمال، لاننا نعيش من اجل الحب والرومانسية، فالاحساس والعاطفة والانفعال غير خاضعة لمقاييس محددة بالمسطرة، محرضا بذلك على الذهاب بعيدا في استجلاء الجمال، واستفزاز الجمال الداخلي بالنفس، لانا قبل كل شيء بشر.
هذا التاثير الكبير على الطلبة اتخذ اشكالا متعددة، لكنها كلها في خانة الاشتباك الجمالي مع الحياة، بالبحث الذاتي بعيدا عن قيود الوصاية من المؤسسة التعليمية والابوية، والاسرة، ويقوم احد الطلاب "نيل" بايقاظ موهبته بالتمثيل، ويشترك مع فريق مسرحي، لكن والده بما يمثل من نموذج ينتمي لمؤسسة الوصاية، والتلقين والدوائر المغلقة باحكام، فانه يؤنبه الى الدرجة التي يقدم فيها نيل على الانتحار احتجاجا، ليعم الحزن الاجواء، وتفتح الاكاديمية تحقيقا، يساعدهم فيه احد الطلاب الوشاة، ليكتشفوا ان الاستاذ كيتنغ، قد قام باحياء جمعية كان عضوا فيها وهو بمثل عمرهم، اسمها جمعية الشعراء الموتى، ويتم اتخاذ القرار بفصل كيتنغ، وفي مشهد ختامي، مملوء بالدلالات، وبينما هو يدخل الحصة التي يديرها بديله، فان الطلبة يقفون على المقاعد، وينادونه بياقبطان، محققا بذلك ما كان يسعى اليه في تحريضهم على التمرد على القوالب الجامدة، والتمسك بحريتهم، وانسانيتهم، ذلك في فيلم استثنائي من حيث السيناريو، والاداء المدهش للنجم روبن وليامز، وفي رؤية اخراجية، لمخرج موهوب هو بيتر وير، الذي يعرف كيف يوظف مختلف عناصر اللغة السينمائية، للفكرة الرئيسية للفيلم.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 16059

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم