حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 25110

السلام عليك يا حبيب .. في ذكرى حضورك لا في ذكرى غيابك

السلام عليك يا حبيب .. في ذكرى حضورك لا في ذكرى غيابك

السلام عليك يا حبيب .. في ذكرى حضورك لا في ذكرى غيابك

24-10-2014 09:17 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. محمد عبدالكريم الزيود

السلام عليك يا حبيب و أنت اليوم تنام ملئ جفنيك تحت سنديانة في العالوك التي أحببت و عشت في ظلها وكنت تأوي إلى بيتك المزروع على ترابها بعدما يتعبك الترحال بين العالوك و عمان توأم الروح لديك ... تنام بعدما أرحت ضميرك و أوفيت و للوطن الذي تحب حتى توقف قلبك و لم يعد يحتمل هذا الحب...عامان يمران و كأنها البارحة و الناس نيام يستقبلون خبر الموت الذي خطفك ذات صباح معتم بين ناف أو غير مصدق... لم نعرف أن سنين عمرك قصيرة كعمر الريحان..
ما زلت أذكرك وأنت الفتى النحيل و "فيك سمرة تغوي البنات " - كصايل الذي رثيته يوما- بقلب مشبع بحب التراب و الوطن .. متمردا حاملا نايك مغردا طافحا بشعرية متدفقة .. باحثا عن مفردة و كلمة بسيطة تترجم أحاسيس الأردنيين للوطن الذي تحب حتى توقف قلبك و لم يعد يحتمل هذا الحب...عامان يمران و كأنها البارحة و الناس نيام يستقبلون خبر الموت الذي خطفك ذات صباح معتم بين ناف أو غير مصدق... لم نعرف أن أعوام عمرك نحو التراب و الشجر و الإنسان... متشربا موروثا أردنيا من آلاف السنين اختصرته بأشعارك و قصائدك و أغانيك... فكنت دون غيرك تفور بشاعرية عفوية تنساب كماء العين الهادئ الذي لا ينضب... نشم من روح قصائدك رائحة القمح والتراب و القهوة و الهيل و تأخذنا إلى حوران و العالوك و عمان .. و نسمع حمحمات الخيل و صهيل الاصايل في منازل اهلك ، و حيث تعاليل الفرسان في مضافة أبيك على إيقاع المهباش و صوت الربابة ، تأخذنا كلماتك إلى قامات السنديان حيث تعلقت روحك الخضراء بكل جميل و بسيط حيث الحرية التي لا تحتويها مكان و لا تروضها امرأة .. فكنت الراعي و كان نايك يتبع قلبك إليك...
عامان يمرانّ.. و كنت تعد الأيام و الثواني و أنت تسابق الزمن و تقارع سيوف الحاسدين و تركل المناصب بقدميك و تفتح ذراعيك لمن ظلمك.. فما أوفوك لكنك بقيت الوفي للوطن و للشعر و لنايك الحزين الذي لم يسكن حتى آخر نفس لفظته... جعلت للشعر الأردني هويته و أعدت صياغة وجدان الأردنيين المرتبط بالبوادي و القرى و حكاياتها و شعرها و ألقها و بساطتها..
قلبك يا حبيب هو البوصلة فما كذبك يوما و قلبك اخضر كقلوب الأردنيين المتكئ على نماذج في الوجدان الأردني المضّمخ بحب الشهادة و البطولة فغنيت لنمر العدوان و لصايل الشهوان و لحابس المجالي و لوصفي التل و لفراس العجلوني و رثيت هؤلاء الأبطال كقامات وطنية ذابت في وجدان الأردنيين ..
كان هاجسك الهوية و أن تنطق بشفاه الصامتين و تعب البسطاء و الآم المهمشين ... و أن تغني بمفردة و كلمة سهلة و لغة جميلة طوعتها لذاتك ، فتغنيت بالفلاحين و الجنود و الشهداء و العشاق و الفرسان فهم الشعب و هم أبناء الأرض و ما كانوا إلا كما قلت يوما الا طيّة من طيات هذه الارض ...
و الشعر هاجسك و كذلك سيفك و ملاذك .. و أنت الذي تحمل روحا غضّى تحلّق عاليا... اخضرا نديا كقمح بلادي كلما اشتدت الشمس وهجا زاد اخضرارا....
أما العالوك التي هويت و الآن أنت بين طياتها فهي الوحيدة التي اوفت لك فعلى ربوة هناك تركناك نائما محتضن التراب ... المطر بلل وجهك الأخضر فنبتت سنديانة تظللك ... و الدحنون أزهر على وجنتيك ... هناك غفيت يا حبيب بالقرب من زيتونة، لملمت آخر أوراقك و قصيدة لم تكتمل بعد و بعضا من سجائرك.... هناك غفيت يا "حبيب " حضنت التراب و أخذت شهقة من هواء العالوك و كتمتها ... و نمت بسلام .... أراك مفترشا بساطا من الدحنون تحمل نايك مغردا ... فيا غيم العالوك يا مارا بروح حبيب ... أقرؤه السلام من قلوب أتعبها الغياب...
فيا حبيـــــــب يا بنَ الــــترابِ و دمي بعضٌ من نســـيجِ دَمــك
يا أمير السّنديـــان زاهياً بتاجهِ و اغــــلى من ملكٍ و ما مَــــلك
الروحُ تأوي اليكَ حائرة و فيّ ما فيـــكَ من تعبٍ و مــــنْ ضَنك
اكادُ اسمعُ صوتكَ مُغنُيا بينَ الغيّم و قلّبي اليكَ سالكـــــــا ًما سَلَك
ابحثُ عنكَ بينَ وجوهِ قَومي فلا نَجم يداريكَ و لا كَوكب منْ فَلَك
و هُـــم قد حَضروا و كـــذّبوا ناشـــدين ثأرا قَديمــــا منْ دَمــــك
الــــيوم انتَ فارسها و هذا النَهــــار لكَ و لسيّفك مــــا سَــــــفك
انهض الآن يا حبيب و استقبلنا على عتبة البيت كما كنت دائما.......................................
السلام عليك يا حبيب يوم ولدت .. و السلام عليك يوم متّ... و السلام عليك يوم تبعث حيا....


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 25110
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم