بقلم :
اختلف دوما مع الذين لا يعجبهم ابو مازن ولا سياسته ولا تصرفاته كثيرون الذين يتهمونه بالتفريط ، وأكثر من التفريط .
ابو مازن رئيس دولة ، وليس رئيس بلدية ، السياسة الدولية ليست بالأمر السهل نطوعها كما نشاء ، الذين يدعون انهم يفهمون في السياسة فيخونون هذا الطرف ويمنحون صكوك غفران لذلك الطرف ( يقيسون الحلاوة بحجم ألسنتهم ) ويفصلون السياسة على مقاساتهم ، وكأنهم هم وحدهم اللاعبون الوحيدون في هذا المضمار الشائك جدا ، أمهر المهرة تجده يسقط في دهاليز السياسة فتنكسر رقبته أو يطير رأسه اذا لم يحسن التعامل مع صنعة السياسة .
ابو مازن يا سادة يا كرام ليس جنديا متدرب في عالم السياسة ، لقد عاصرها منذ بداية شبابه واليوم هو على عتبة الثمانين ، اذن هو يدرك ما يفعل ، ويعرف ما يريد ، ويعي ما يريده الخصم سرا وعلنا وما يضمره الصديق قبل العدو ، ولا يخفى عليه ردات الفعل من الأقوياء قبل الضعفاء الذين لا تعجبهم كلمة لا ، الذين يفرحون لكلمة نعم.
في هذا السياق لا أدعي ان ( ابو مازن ) هو سوبرمان يقفز من فوق كل الحواجز ، ويتخطى كل العقبات او بالأحرى العقوبات ، والتهديدات ، والضغوطات ، والمؤامرات ، ولا هو بالمتمرد الذي يلقي عرض الحائط كل ما لا يعجبه ، لا يا سادة يا كرام انه يعرف حجمه جيدا ، وحجم دولته غير كاملة السيادة جيدا ، ويدرك انه لا يتحرك من مكان لآخر الا بتصريح من سلطات الاحتلال التي تجوب قواتها أرض بلاده طولا وعرضا دون ان يعترض ، وان اعترض فالبحر مليء بالماء .
رواتب موظفي الدولة تأتيه من الدول المانحة الغريبة قبل القريبة ، أليس الأولى ان تقوم الدول العربية الغنية التي لديها فائض وفير من المال تنوء به العصبة القوية ، ان يقدموا لدولة فلسطين كل ما تحتاجه من مال ومعدات بدلا من التسول من دول الغرب التي تفرض اجندتها على فلسطين وقيادة فلسطين وشعب فلسطين !!
كلنا نعرف ان فلسطين تحت الاحتلال الاسرائيلي ، وعندما دخلت قوات الشرطة الفلسطينية من الشتات الى غزة وأريحا أولا بموجب اتفاقية اوسلو ، لم يدخلوا على ظهر دبابة كما كان يقول الراحل الكبير ابو عمار رحمه الله ، الذي لم يسلم بدوره من التخوين والتفريط والتشكيك في اصله ونسبه ، لدرجة ان الكثيرين من ابناء فلسطين وابناء العروبة كانوا يتهمون عرفات بأنه من اصل يهودي ، مرة من يهود المغرب ومرة من يهود اليمن ، علما أن الذي
روج لهذه الاشاعة البغيضة هي اوساط صهيونية ، فقمنا على الفور وصدقناها ثم اصبحنا نمررها لكل الدنيا .
بالأمس القريب قام ابو مازن وطرح مشروعا لقيام الدولة الفلسطينية في عضون ثلاث سنوات ، قال هذا الكلام في كلمة فلسطين التي ألقاها شخصيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة .
امريكا صديقة زعماء العرب كل زعماء العرب بما فيهم ابو مازن ، اقامت الدنيا ولم تقعدها على ما تفوه به ابو مازن ، واعتبرت حديثه هذا استفزازيا وخروجا على بيت الطاعة الأمريكي ، ولم نسمع كلمة من أي مسؤول عربي يقول لأمريكا هذا شأن عربي بحت ، وليس من شأنك ، الا يكفيك اننا ندفع لك (لجزية وعشر المال ومش عاجبك كمان !! ) وفوق كل هذا تحرمين رئيس دولة عربية من حلم مجرد حلم ، بلاده محتلة ، معظم افراد شعبه مشردا في الشتات ، يطيعكم في كثير من الأمر ولا يعصي لكم أمرا لا هو ولا كل زعماء الدول العربية والاسلامية الى آخر القائمة الا من رحم ربي .
كلامي هذا في حق ( ابو مازن ) نابع من قناعتي الشخصية ، وأعرف سلفا أنه لن يعجب الكثيرين وهذا شأنهم ، لكن ليعلم الجميع انني لا اريد منه ولا من غيره جزاء ولا شكورا ، ولم أكن في يوم من الأيام متكسبا على ابواب الكبار مهما علو ، اقول ما اقتنع به ويرضي ضميري ، ومن يعرف عني غير ذلك فليعلنه على الملأ ، وللحديث بقية .

m.shawahin@yahoo.com

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا