حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 20064

العقلنة وما وراءها

العقلنة وما وراءها

 العقلنة وما وراءها

31-08-2014 02:48 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد عمر فالح العلاونة
في هذه الأيام العصيبة التي تُحيط بنا وبوطننا العربي في عهد التفكك والتمزق والتناحر والتناوش ؛ في عهد الظلمات والجاهلية المقنعة بعولمة التمدن المسفرة على حقيقة ألّا نتفق .... في حين تغدو نزعة التملك في الإنسان وسيلة طبيعية لإقامة حياة عادلة رخية فوق أرض يقوم فيها العمران وتخضّر في أنحائها الجنان ؛ وتتكاثر في جنباتها الخيرات ؛فتصبح نزعة الإدراك نورا وهاجا يكشف المزيد من خدمات الكون لهذا الإنسان ؛وقبسا هاديا يذكّر الإنسان دائما بحقيقة الذات الإلهية ؛ ويحذّره من أن ينسى حدود عبوديته فيتجاوزها ؛ فتصبح نزعة القوة والبطش سبيلا إلى حراسة الحقوق وحفظ العدالة والدفاع عن المثل الفاضلة .......... وكما قال الأمام الغزالي ((إن الفراغ في الشرق يدمّر ألوف الكفايات والمواهب ويخفيها وراء ركام هائل من الاستهانة والاستكانة كما تختفي معادن الذهب والحديد في المناجم المجهولة !!!!! عبر هذا اليم المتلاطم بالأفكار يشدك حنين الانتماء إلى الأمة والوطن ؛ في حين افتقدنا ذواتنا في زحمة الزمان والمكان فأصبحت الحياة مريرة كأرض جرداء أحرقتها شمس فصدّعتها ؛ نفتش عن أنفسنا في زحمة كل شيء ؛ فكم تاقت النفوس للهروب من هذه الفوضى والسكون من هذه الضوضاء فنحن مدّعون في عالمنا اليوم وفي كل وقت وفي كل مكان باستعمال العقل والاتكاء على العقلنة والالتزام بالمعقولية والموضوعية لمجابهة ما يواجهنا من إشكاليات في جميع الميادين ؛إشكاليات جعلت من الحياة همّا أكبر من كل مايطرح في مجالات العلم والفن والأدب ؛من كلمات واجتهادات ورؤى ؛ فنحن أمام ظاهرة الانبهار كمعطية عصرية لحضارة الغرب المادية ؛فنخن نعيش حالة نوع من الشلل الفكري الذي يلزمنا بالتسليم ؛ بل والدعاية لمصطلحات فكرية فضفاضة المفاهيم بقصد إحداث نقلة حضارية تخرجنا من التخلف الممقوت ؛ وهذا الطموح يراود كل مشروع علمي نهضوي بروافده في مجالات الحضارة والتكنولوجيا ....وكما قيل ((إذا كان العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى ))الإمام الغزالي فيتراءى لنا التاريخ مسفرا عن صفحات مشرقة تمجّد بُناة الحضارة ومؤسسي منارات العلم حيث كان الإنسان منطلقا وهدفا لتأسيس الحضارة في الأمم فكم يصدمنا هذا الواقع المريض ؛ حيث تشهد الجموع البشرية التي تُعدُّ بمئات الملايين خائرة القوى مسلوبة الإرادة مترنحة في مدن الملح والورق ؛ همها جمع القوت وإيجاد المأوى والتكيّف مع سياسات غربية غاية في الرداءة وترسيخ التبعية للآخر ؛ فيصبح الهدف أن تجد قلبك وعقلك وحقيقة موقفك في هذه الحياة الغنية بتنوع وعمق المواضيع والتحديات في زمن لا يُعدٌّ كافيا للتفكير المُتزن على الإطلاق .تحفر الكلمات بأظافرها شهادة على العصر فالفكرة التي تتقمصك تطرح عليك سيلا من الأسماء الذين خربوا في ميادين العلم والتكنولوجيا والإصلاح الاجتماعي والفكري أولئك الذين ألبسوا ثوب التشاؤم والهذيان في كل الميادين وتسأل نفسك إذا كان عقاب البوح جريمة تطالها نلك الأثواب........... ونظن أن التاريخ انتهى وانطوت أيامه وما أشبه اليوم بأمسٍ اندثر بدفء الغفلات , فتعود أدراجك من التاريخ إلى الواقع المُثقل بالمتناقضات واللامنطق واللامعقول وتجمع كل المسميات إن شئت ضمن مفهوم الهموم مضيفاً إلى معلوماتك أن زمن الواقع ليس هو زمن ازدواج المعايير فحسب بل إنه زمن ازدواجية الأشياء , ازدواجيه طالت الإنسان بحدِّ ذاته , ازدواجية أصبحت بحجم هذا العالم الذي نعيش فيه , الأمر الذي أدى في وقت قصير إلى تفجير معوقات الإنسان ورقيه وتميزه بوظيفة الخلافة في الأرض وفي نفس الوقت اتساع مساحات التوجع والحزن وخيبة الأمل والإحباط المتنامي على مدار الوقت.........وتعود من زمن التناقض إلى زمن الواقع بكل همومه لتنال نصيبك من البلوى في عالم الحكمة تدخله رغم أنفك لتتذوق طعم الحرمان والغفلة والاستهزاء بالقدرات الفردية......... الإشكالية في الوطن العربي اليوم تتجسد في كون القضايا المطروحة متأخرة في زمن طرحها , وهي تتناول أسئلة حسمتها غالبية الأمم التي يتكوّن منها هذا العالم , مثل أسئلة الهوية والانتماء والكينونة والصيرورة........ أي بكلام آخر إن ما يقع في سلم الأولويات هو قضية وجود أمتنا بحد ذاته وهي مسألة معقدة ومتشعبة ولكنها في ذات الوقت القاعدة الأساس لتحديد مسارات الحاضر والمستقبل !!!!!!!! ففي زمن العولمة وتجاذبات القوى المتصارعة على مدى العالم لا مكان فيه لبنى وطنية أو اجتماعية غير موحدة وغير مستقرة أو مفككة فالأساس هو في بناء الذات وحل إشكالية الفهم ومن ثم الانطلاق إلى تحديد المشكلات والمعوقات أمام مسائل تتعلق بقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية وغيرها من المشكلات .... فعنوان الصراع الجاري اليوم في ما يخص أمتنا له علاقة بإثارة الفتن وكيف نواجهها وكيف نرتبط بمسألة الوحدة بموضوع التقدم والتنمية والازدهار وترقية مستوى الحياة بوجوهها المختلفة .....
فلا يمكننا أن نلج العالم أفرادا أو قبائل أو عشائر وحتى طوائف أو مذاهب متقاتلة ومتناحرة بل وجب أن نقدم أنفسنا في إطار بنية وطنية وقومية متراصة ومتينة وموحدة تملك هويتها وخصائصها وأهدافها ومثلها العليا وعندها فقط نستطيع أن نتطلع إلى ما وراء الحدود لكي نثبت بالفعل أننا جزء فاعل من هذا العالم فتجلس في هذا العالم تلميذا مراقبا في قاعة الامتحانات تحفر على جدار هذا العالم بأيام حياتك ما أجازه عقلك الحر ؛ فعلا يشهد لك أو عليك ؛ فهل المقصود هو أن تكون الوسائل غايات فنقف عند رسومها ؟؟؟ أم هل المقصود أن نقف معها كأننا تماثيل بلا حراك فكل واحد منا يعرف ما هو دوره المنوط في هذا المجتمع دون الحاجة لتلقينه إياه ............! وبعد هذا الكم من الأسئلة المتلاحقة ستجد نفسك مجبرا على رقم مشاعرك واعتلاجات نفسك بمداد أسود بما تفرضه هذه المرحلة من تحديات لعزائمنا وقدراتنا .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 20064
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم