بقلم : بثينة محمد خميس صبرة
قبيل غروب الشمس جلست مع نفسي أحتسي فنجانا من الشاي..كانت تقتحمني أفكار عميقة..تأسرني أحاسيس جريحة..حلقت بالأفاق البعيدة والحزن يرافقني..نعم أنا جريحة.

فجأة قطع حبل أفكاري وارتسمت ملامح الهول على وجهي!..من هذا العجوز الذي يغزو رأسه الشيب..يتكئ على عكازه الخشبي الذي يبدو أنه قديم من الأزل..نظرت للعجوز فلم أرَ إلا ملامح تتوارى تحت عباءة الظلم والخوف والرعب...

اقترب العجوز مني قليلا,فزاد هولي وفزعي وتملكتني مشاعر الدهشة..فلم أرني إلا أصرخ بوجهه:أي جراءة تسمح لك بالاقتراب مني؟!..صمت العجوز قليلا..ثم قال:أيتها الفتاة العربية..ألم تعرفينني؟؟..فأجبته بسخرية:بالطبع لا..ومن تكن لأعرفك؟؟

اقترب مني أكثر فأكثر,ووضع يده التي تبدت كأرض جرداء مموجة على كتفي وقال:يا ابنتي أنا جريح حزين,في داخلي شلالات دم ضائع..في داخلي قنابل وقذائف...لقد أوشكت أحاسيس على الرحيل..أوشكت دموعي على أن تجف..وأوشكت نبضات قلبي على التوقف...

أسرتني مشاعر الشفقة حينها,وقررت سماعه حتى النهاية..وفي الوقت ذاته كانت رغبتي في معرفة هويته كشبح يطاردني...

رفع العجوز رأسه وحدق في السماء,فأجهش بالبكاء وقال:آه يا غزة العزة..آه يا وطن الكماة والصيد..آه أيها الأطفال الأبرياء..ما الذنب الذي اقترفتموه لتعذبوا وتقتلوا وتيتموا؟؟؟
والعرب..؟؟
يقفون مكتوفي الأيدي وكأنهم يشاهدون فيلما سينمائيا!!..أين أنتم أيها العرب؟؟..أيعقل أن نترك أهل غزة يُقَتّلون ويشرّدون ونحن آمنون في بيوتنا؟؟!..أرجوكم تحركوا..انهضوا..أفيقوا،,فلم أتمالك نفسي وغلبتني العبرة,وقلت:أرجوك أخبرني..من أنت؟؟

ابتسم العجوز بسمة تخبئ وراءها الكثير من الأحزان والهموم..مدّ يده الى جيبه الممزق و إذا به يعطيني خارطة الوطن العربي...ذهلت مما رأيت و صُفِّدتُ في شباك الصمت.

فجأة..سقطت الخارطة أرضا..اختفى العجوز..وغابت الشمس..صرخت بصوت يهزه الخوف والفزع:ما الذي يحدث؟؟؟..فهمس بأذني الواقع همسة أيقظتني مما أنا فيه:الضمير العربي أصبح عجوزا يوشك على الرحيل..عجوزا أنهكته الحياة..انه يغرق في بحور الضياع متحسرا على ما أصبح عليه..فاحذروا أيها العرب..فأنتم في خطر...و وطنكم في خطر.

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا