حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 130660

خمسون يوماً في اليابان (الجزء الأول: البيئة)

خمسون يوماً في اليابان (الجزء الأول: البيئة)

خمسون يوماً في اليابان (الجزء الأول: البيئة)

08-04-2014 03:39 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :
في شهر تموز من العام الماضي قامت شركة الكهرباء الوطنية بترشيحي عبر وزارة الطاقة والثروة المعدنية لحضور دورة تدريبية في اليابان بعنوان "توفير الطاقة الكهربائية في المجالات المنزلية والمكتبية"، وتمتد هذه الدورة لمدة خمسين يوماً وتقدم بدعم من منظمة التعاون الدولي اليابانية.
وسافرت الى اليابان في شهر آب من عام 2013 وكلي أمل أن أجد في هذه الحضارة العريقة والمتطورة ما أفيد به وطني وأمتي، وأن أحاول ترجمة أي شيء أتعلمه الى خطوات حقيقية يتم تنفيذها على أرض الواقع ليلمس المواطن الأردني تأثير هذه الدورات التدريبية.
خلال هذه الدورة التدريبة تسنى لي الإلتقاء بالعديد من الخبرات والكفاءات اليابانية وصناع القرار في العديد من المجالات كالطاقة والبيئة والسياسة والرياضة وغيرها من الأمور. واليوم بدأت بكتابة هذه السلسلة من أجل تعميم الفائدة التي حصلت عليها خلال هذه الدورة التدريبية وتوجيه رسالة الى المسؤولين الأردنيين على إختلاف مواقعهم ومراكزهم بضرورة التعلم من النموذج الياباني، وسيحمل كل جزء من هذه السلسلة عنواناً خاصاً يشير الى المجال الذي سأتحدث عنه.
سأتكلم في هذا الجزء عن البيئة، ولا أهدف الى عقد مقارنة بين الوضع في اليابان وبلادنا، ولكن الهدف هو الإطلاع على نموذج مثالي في التعامل مع البيئة والحفاظ عليها وضمان سلامتها للأجيال القادمة والتعلم منهم في كيفية إنقاذ ما تبقى من بيئتنا الأردنية.
يدرك اليابانيون جيداً أهمية تواجد البيئة المناسبة وتوفيرها في بلادهم وضمان سلامتها، وهنا لا بد من إستعراض المثل الياباني القائل: " الأرض ليست ملك لنا وإنما هي ملك لأولادنا وأحفادنا" في إشارة الى أن الهدف من الحفاظ على البيئة هو ضمان سعادة الأجيال القادمة وعيشها الهنيئ.
إذا تجولت في شوارع اليابان كافة سواء أكان ذلك في مدنها الكبيرة أو قراها الزراعية أو حتى الضواحي المترامية تجد هذه الشوارع تخلو تماماً من النفايات، وإذا بذلت جهدا كبيرا في البحث عن النفايات الملقاة في الشوراع قد تثمر جهودك في إيجاد بعض أعقاب السجائر ملقاة على الأرض.
أما موضوع حاويات النفايات الموجودة في الشوارع فهو معقد قليلاً، إذ يتوجب على كل منزل فرز النفايات المنزلية قبل إخراجها ووضع كل نوع من النفايات في المكان المخصص وذلك لتسهيل عملية إعادة التدوير للمخلفات المعدنية والبلاستيكية والأخشاب وغيرها من المواد. أما إذا كانت النفايات كبيرة الحجم مثل قطع الأثاث أو نفايات الأشجار والحدائق فيجب عليك التوجه الى أقرب محطة جمع نفايات ووضع كل نوع من هذه النفايات في مكانه المخصص علماً أن هنالك أكثر من 25 نوعا من النفايات المعرفة في اليابان والتي يتم فصلها وإعادة تدويرها.
وبالنسبة للنفايات العضوية التي يتم إخراجها عادةً من المطبخ، فيقوم اليابانيون بإستغلال هذه النفايات في عملية صنع السماد العضوي، وقمت بحضور دورة تدريبية بهذا الخصوص وتعلمت كيفية إستغلال هذا النوع من النفايات وتحويله الى سماد للأشجار والمزروعات علماً أن هذا النوع من النفايات يشكل 40 % من مجموع النفايات.
وللتعرف أكثر على كيفية التعامل مع النفايات قمنا بزيارة محطة مخصصة لحرق النفايات في مدينة كيتاكيوشو، في البداية يتم جمع النفايات وتقسيمها وفرزها الى عدة أقسام، فبعضها يتم تحويله الى مصانع إعادة التدوير كالمعادن والبلاستيك والملابس وغيرها، أما الجزء المتبقي فيتم حرقه من خلال عملية الإحتراق الطبيعي دون إضافة وقود ويتم إستخدام الحرارة الناتجة في تسخين المياه وتوليد الطاقة الكهربائية للمحطة والمنازل المحيطة. وعملية الحرق هذه لا تنتج أية غازات أو أدخنة قد تضر بالبيئة من خلال وجود مجموعة من الفلاتر لضمان سلامة الجو وعدم تلويثه.
ومما يثير العجب هو أن كمية النفايات التي تصل الى المحطة تتناقص بإستمرار حتى أصبحت هذه المحة مههدة بالإغلاق والإندماج مع محطات في مدن مجاورة في إشارة الى تزايد وعي المواطن الياباني بعمليات إعادة التدوير والسماد العضوي وإجتهاده في فرز النفايات من أجل الإستغلال الأمثل لها.
إن النفايات في اليابان تعتبر ثروة كبيرة ومن أهم المصادر في إستخراج العناصر المعدنية والبلاستيكية وإعادة صناعتها، وهنالك العديد من الدول في العالم قد أتمت إعادة تدوير جميع نفاياتها وبدأت بإستيراد النفايات من الدول الأخرى كدليل على أهمية النفايات كمصدر للمواد والطاقة.
ومن خلال النفايات المعاد تدويرها يتم تصنيع الملابس والعلب المعدنية والعبوات الزجاجية وبلاط الأرصفة بالإضافة الى العديد من المواد الخام التي يتم تحويلها الى المصانع لدرجة أن طاقم أحد المصانع التي قمنا بزيارته يرتدي زياً موحداً مصنعاً من نفايات معاد تدويرها، حتى الأجهزة الكهربائية والإنارة كالنيونات فيتم إعادة تدويرها وإستخراج المواد الأساسية منها.
أما موضوع السيارات، فإن جميع السيارات التي تسير على الشوارع اليابانية صديقة للبيئة ومزودة بالفلاتر الضرورية من أجل تقليل حجم الإنبعثات الضارة من غاز ثاني أكسيد الكربون، وخلال فترة إقامتي هناك لا أذكر أنني قد أحسست بوجد رائحة لدخان السيارات في الشوارع، بالإضافة طبعاً الى السيارات الكهربائية والهجينة الصديقة للبيئة والواسعة الإنتشار.
وتفرض على المصانع اليابانية قيود صارمة أمام حقوق البيئة، فعلى سبيل المثال هنالك مصنع تم إنشاءه في عام 1901 وقام بالإضرار بالبيئة خلال أول خمسين عاما من عمره، أما اليوم فهو أحد أكبر الداعين والداعمين الى الحفاظ على سلامة البيئة وقام بتحويل مقره الرئيس من مصدر يعمل على تلويث الهواء والماء الى متحف للبيئة.
ومن الأمور التي لفتت إنتباهي هناك هي المباني التي تكون قيد البناء، فمن المستحيل أن تجد أكوام الرمال أمام تلك المباني أو مخلفات البناء والصيانة الملقاة على الأرصفة، بل إن المنطقة أمام تلك المباني التي هي قيد الإنشاء قد تكون أنظف من بعض البيوت.
انها دعوة الى جميع المسؤولين في الدولة الى ضرورة الإلتفات الى موضوع البيئة والعناية بها، وضرورة العمل على توعية المواطن بعملية إعادة تدوير النفايات وتقليل حجمها، وكذلك بالأخطار التي تنشأ من وجود مكبات النفايات التي فاضت بنفاياتنا ولم يعد لها مكان.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 130660
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم