حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 76832

كيف تتهرب من الضرائب في الأردن(101)؟

كيف تتهرب من الضرائب في الأردن(101)؟

كيف تتهرب من الضرائب في الأردن(101)؟

19-10-2017 09:36 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : غيث هاني القضاة
لي صديق مهندس قام بإنشاء شركة مقاولات قبل سنوات في الأردن، وقام بطبيعة الحال باستئجار مكتب حسب المواصفات المعتمدة من حيث المساحة وعدد الغرف ،ودفع الرسوم المطلوبة في امانة عمان وفي نقابة المقاولين وسجل في ضريبة الدخل والمبيعات وغرفة التجارة والصناعة ،وبدأ بممارسة عمله والتواصل مع الشركات المختلفة أو متابعة العطاءات وغيرها من الاعمال المتعلقة بعمله .
تفاجأ أن معظم الشركات الكبرى المصنفة في نقابة المقاولين بالدرجة الأولى والثانية والثالثة تقوم عندما يرسو عليها أي عطاء حكومي أو غير حكومي بإعطاء الاعمال "من الباطن" لأشخاص ومقاولين غير مرخصين ومعظمهم من العمالة الوافدة بشقيها المصري والسوري ، حيث تكون الكلف عليهم أقل بكثير والتبعات المالية بسيطة جدا ،وبطبيعة الحال لا يوجد قانون يلزم صاحب شركات المقاولات الكبرى بالتعامل مع شركات المقاولات الصغرى سوى بعض النصوص المكتوبة والتي يصعب على الدولة متابعة تنفيذها أو التأكد منها ،وتفاجأ صديقي أيضا أن العديد من الأشخاص الذين يرغبون بإنشاء منازل جديدة لهم يطلبون منه تسجيلا صوريا فقط في نقابة المقاولين لتوثيق عقودهم من أجل الحصول على التراخيص اللازمة من أمانة عمان ،ثم يتعاقدون مع وافد عربي أو شخص اردني لا يمتلك ترخيصا ، لإكمال اعمال الانشاءات لهم لتوفير التكاليف مقابل مبلغ مقطوع يتم دفعه لهذا المقاول مقابل استخدام اسمه، واذا لم يقبل فهنالك الكثر ممن يقبلون!
من الأمثلة الأخرى للتهرب الضريبي المسكوت عنها ذاك العبث الخطير الذي يحدث في شركات الإسكان والتي تقوم بعمل مجمعات سكنية أو اسكانات مختلفة في أماكن عدة ، هذه الشركات يهمها جدا موضوع التكلفة وبطبيعة الحال تكون الجهة غير المرخصة وغير المسجلة في النظام الضريبي دائما هي صاحبة اقل الأسعار بالنسبة لهم ، ويتم توقيع العقود معها بطبيعة الحال ، سأعطي مثالا حديثا على ذلك حيث قام أحد أصدقائي الذين يمتلكون شركة إسكان بإنشاء مجمع سكني في منطقة راقية في عمان وعند تركيب الشبابيك مثلا ،حصل على سعر نهائي من مصنع عريق و مرخص للألمنيوم و يدفع" الضرائب وملتزم بضريبة المبيعات " بحدود المائة دينار للمتر المربع ، ومن أجل التوفير على نفسه تواصل صديقي مع صاحب "معمل المنيوم " وهو بالمناسبة وافد سوري حصل قبل عام على تصريح عمل "بالمجان" من وزارة العمل ضمن الاتفاقية الدولية الموقعة بهذا الخصوص مع الدول المانحة !و معمله البسيط غير مسجل بطبيعة الحال في ضريبة الدخل والمبيعات فحصل منه على سعر يقل عن سعر المصنع بثلاثين دينارا، لان صاحب المعمل لا يدفع ضريبة دخل ولا يقوم بعمل فواتير ضريبية ولا يجعل صاحب الإسكان يدفع ضريبة المبيعات ، وبهذه الطريقة يتساوى في المنافسة غير الشريفة الذي لا يدفع الضرائب "وقد يكون وافد غير اردني" مع الذي يقوم بدفع الضرائب من الأردنيين بسبب غياب التعليمات والأنظمة التي تتابع هذا التهرب الضريبي.
ماذا يمكن للدولة والحكومات المتعاقبة أن تفعل ؟ والتي يجب أن تتوقف عن مسلسل اللطم والحزن والتخبط في التصريحات والتلميحات غير الذكية و الذي نسمعه في كل عام عن وجود تهرب ضريبي كبير يؤثر على اقتصاد البلد ! والحقيقة أن ما ينقص جميع الحكومات قرارات جادة وقرارات صحيحة وعقول تستطيع التفكير بطريقة مختلفة ، وينقص معظم الحكومات أصحاب الخبرة والدراية الذين يستطيعون إنصاف الناس و إنصاف من يدفعون الضريبة دون غيرهم ،أنا شخصيا ومن خبرتي البسيطة في السوق أستطيع إعطاء الحكومة أفكارا لبعض التشريعات والقوانين التي تجعل الجميع يتساوون في دفع الضريبة ، فمثلا تستطيع الحكومة أن تجبر جميع شركات الإسكان وجميع شركات المقاولات وجميع المصانع وغيرها من القطاعات التي تستخدم عدة جهات في أعمالها ، تستطيع اجبارهم على ابراز جميع الفواتير الضريبية التي قاموا على أساسها بإنشاء المجمعات السكنية أو أعمالهم الانشائية أو منتجاتهم الصناعية ، فمثلا يتم الطلب من شركات الإسكان جميع الفواتير المتعلقة بأعمال الخشب والحديد والالمنيوم والبلاط وغيرها والتي دخلت أصلا في تكاليف الانشاء ويتم ربطها بضريبة الدخل وهامش الربح المعلن من قبل التاجر ،على أن تكون فواتير ضريبية موثقة وبهذه الطريقة تستطيع دائرة الدخل أن تحصر الكلف الحقيقية لأصحاب المشاريع وان تجبر أصحاب المشاريع على التعامل فقط مع من يدفعون الضرائب والذين هم مسجلون في ضريبة الدخل والمبيعات ، وتخيلوا حينها حجم الإيرادات التي ستحصل عليها الدولة !
تستطيع الحكومة أيضا أن تعطي حوافز للناس الذين يشترون أي سلعة او خدمات بموجب ضريبة المبيعات ، من ضمنها كما يحدث في الغرب ارجاع جزء من الضرائب للناس التي دفعوها في نهاية كل عام ، وبتلك الطريقة سيتدافع الناس حينها لطلب فاتورة المبيعات لأي منتج يتم شراؤه .
بالمناسبة صديقي الذي اخبرتكم عنه قام بإغلاق شركته بعد سنوات ،وهو الان يحصل على دخل افضل بكثير واعلى بكثير مما كان يحصل عليه سابقا ! فلم يعد يدفع لأمانة عمان لترخيص مكتبه ،أو لضريبة الدخل أو المبيعات شيئا أو لنقابة المقاولين ،ويقوم بتوقيع العقود مع الناس ويشتري جميع احتياجاته من السوق بدون ضريبة من جميع التجار بلا استثناء ، ويتعامل بالهاتف فقط ،ولا يدري عنه أحد ويخبر الناس دائما أن أسعاره لهم بدون ضريبة فهي الأقل بلا شك "وهذا صحيح" ،ويحصل صديقي أحيانا على دعم حكومي للخبز عندما تقوم الحكومة بعمل "كوبونات "كما قامت بها قبل سنوات لانه بحسب البيانات "الصماء"أمام الحكومة ،هو من أصحاب الدخل المحدود وتكون دائما قيمة ضريبة الدخل المفروضة عليه سنويا في دائرة ضريبة الدخل تساوي "صفرا" لعدم وصوله الى الحد الذي يلزمه بدفع الضريبة !وأصبحنا حديثا نشاهد أيضا الاخوة الوافدين الذين لا يمتلكون شركات أو حتى تصاريح عمل ، ينعمون بأوضاع اقتصادية أفضل بكثير من الأردنيين ،ولديهم العديد من العقود التي قام الناس بتوقيعها معهم ! في ظل غياب كامل للرقابة ووجود "منطقة معتمة سوداء " وغير مرئية أمام مرآة الحكومة الجانبية يعمل هؤلاء من خلالها .
هذه صرخة من رحم قطاع معين أعرفه عن كثب ، وسأكتب في المقال القادم عن تهرب ضريبي ذكي ومتطور ومحمي بموجبالقانون ، ولكن من شريحة تمتلك عشرات بل مئات الملايين من الدنانير ،و( قاطعين إيدهم وبيشحدوا عليها ) كما يقول المثل الأردني .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 76832
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم