حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 20515

عيدٌ .. بأيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟!!

عيدٌ .. بأيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟!!

 عيدٌ  ..  بأيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟!!

24-12-2016 03:41 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عصمت حداد
في وطني الحبيبِ .. يَلُفُّ الحزنُ بيتَ كلِّ الأردنيينَ ، وفي مدينةِ الكركِ الأبيَّةِ - كَركُ العِزَّةِ والرجولةِ - تُقرعُ أجراسُ الكنائسِ ؛ حُزْناً على إِبنها الشهيدِ البطلِ "سائد المعايطة" .. وعلى رِفاقه الشهداءِ الأبطالِ الذينَ رَوَتْ دماؤُهم ترابَ الوطنْ . في وطني .. يُطِلُّ علينا - هذه الأيامَ - عيدُ الميلادِ المجيدِ ، والسيِّدُ المسيحُ عليه السلامِ .. حزينٌ جرّاءَ ما يَحْدُثُ في الأرضِ التي أرادها .. أرضاً للمحبّةِ والسَّلامْ ، وقلبهُ مجروحٌ ومتألّمٌ ممّا يرتكبهُ الإنسانُ بحقِّ أخيهِ الإنسانِ .. مِنْ قَتْلٍ واضطهادٍ وإِهانةٍ للكرامةِ الإنسانيّةْ ، وكأنَّ هذه الأرضَ متعطشةٌ للمزيدِ مِن الدّماءِ ، تستقي من نَزْفِ الإنسانيّةِ .. ولا ترتوي ، وكأنَّ الإنسانَ لم يدرك بعدُ بِأنَّ هذه الأرضَ ليستْ له وحدهْ ، وأنّ أخاهُ في الإنسانيّةِ .. ليسَ عبداً لهُ ، ولا مخلوقاً من درجةٍ ثانيةْ ، فتراه يستحْكِمُ ويبدِّدُ ويكفِّرُ ويخطِفُ ويقتلُ .. دونَ أيِّ خوفٍ أو احترامٍ لخالقِ الإنسانْ.

ومهما حاولنا أن ندَّعي الفَرَحَ ونخرجَ مِنْ أحزاننا .. فإن محاولاتنا تفشلْ ؛ لأنَّ الفرحَ .. شعورٌ داخليٌّ ، ورغبةٌ في صِناعةِ القلبِ الذي ينشرحُ على كل ما حولهُ من مظاهر البهجةِ والمحبةِ والصفاءِ الذي من الممكن أن يتلون العيدُ به ، إلا أنَّ ذلكَ القلبَ - للأسف - غارقٌ في أوجاعِهِ ، وجازِمٌ أنَّ الإحتفالَ بالعيدِ .. هو خيانةٌ لِأَوجاعِ وطنِهْ .

اليومَ .. أستذكرُ شِعرَ معلِّمنا المتنبي العظيم ، تلكَ الكلماتِ التي سَطَّرَها ولوعةُ فِراقِ مَن فارقهم.. تمزِّقُ صدرَهُ ، وتَقُضُّ مضجَعَهْ ، اليوم .. أستأذنُ روحَهُ في اِستدعاءِ بيتهِ الشِّعريِّ النازفِ وجعاً وألماً وحيرَةْ ، وأردِّدُ صرخَتَهُ التي أطلقَها قبلَ أكثرَ مِن عشرةِ قرونٍ ، وما زالَ صداها مدويِّا حتى يومِنا هذا .. دونَ جوابٍ شافٍ أو ردٍّ مقْنِعْ ، حين تساءل :

" عيدٌ .. بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ــــ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ "

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟ ، يا له من سؤالٍ يشبه اللعنةْ ، وكأنَّ شاعِرنا المتنبي .. يعيشُ بيننا اليومَ .. وشبابُ أُمّتي ارتدَوا أكفاناً مزخرفةً بألوانِ الشهادةِ .. تاركينَ - وراءَهُم - صدى ضحكاتِهم وأحلامهم وطموحاتهمْ - تحتَ أنقاضِ الغدرِ- تستنجدُ الأيادي لتتلقَّفَها وتزيلَ غبارَ الموتِ عنها ، بأيّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟ وقلوبنا ممتلئةٌ بالأحزانِ , وأنفسُنا تَنْخَرُها الهمومُ والأوجاعُ والحسراتْ ، بأيِّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟ يردِّدُها لسانُ حالِ كلِّ أبٍ وأُمٍّ وأخٍ وأختٍ وابنٍ وابنةٍ وزوجةِ كلِّ شهيدٍ من شُهدائِنا الأبرارِ الذينَ سَقَواْ بدمائِهمِ الزكيةِ ترابَ وطننا الغالي ، شهدائِنا الأبطالِ الذينَ أثمرتْ كلَّ قطرةٍ مِن قطراتِ دمائِهمِ الغاليةِ .. نبتةَ عِزٍّ وكرامةٍ وشموخٍ في وطننا الحبيبِ , نبتةً ستبقى ذكرىً تنشرُ عبقَها في كُلِّ صباحٍ ومساءٍ وفي كل مناسبةٍ وفي كلِّ عيدٍ .. فيرتاحُ قلبُ أمِّ كلِّ شهيدٍ ويهدأْ ، وتهدأُ معهُ دمعتُها التي أبتْ إلا أن تُنْزِلَ وسَطَ الزغاريدِ .. تحيةً لشهدائنا الأبطالْ .

في بلدنا الغالي .. أمهاتُ الشهداءِ ضربنَ مثلاً في البطولةِ والتضحيةِ ؛ لأنْهُنَّ - ورغمَ الجُرْحِ العميقِ في قلوبهنَّ على فقدانِ مَنْ أنجبنَ وربَّيْنَ وأحببن ، ورغمَ الدمعةِ التي أدمَتِ العيونَ والقلوبَ والحزنَ الذي لا يعادله حزنْ- هتَفنَ و زغردنَ وعلَّمْنَ العالمَ درساً لا ولن يُنسى في التضحيةِ والبطولةِ والمواطَنةِ وعِشْقِ الوطنْ .

سلامٌ عليكُنَّ يا كُلَّ أمهاتِ الأردنِّ ، سلامٌ عليكُنَّ يا أمهاتِ شهدائِنا الأبطالِ ، كُلَّ عامٍ وأنتُنَّ بألفِ خيرٍ ، وكُلُّ عيدٍ وقلوبِكُنَّ بألفِ خيرْ ، وكما سَبَّحت الملائكةُ ليلةَ الميلادِ : " الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ " .. أرجو أن يسودَ السلامُ عمومَ الوطنِ الغالي ، ويُصيبُ الخيرُ الجميعَ ، وكلُّ عامٍ ووطنُنُا الأردنُّ وأهلُه بألفِ خيرْ .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 20515
برأيك.. هل طهران قادرة على احتواء رد فعل "تل أبيب" بقصف بنيتها التحتية الاستراتيجية حال توجيه إيران ضربتها المرتقبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم