حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 30924

صرخةُ أفلاطون !!!

صرخةُ أفلاطون !!!

صرخةُ أفلاطون !!!

29-03-2016 03:41 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عصمت حداد
صرخةٌ أطلقها أفلاطون، وإذا أردتم الدقة في التعبير.. فإنها حكمةٌ خالدةٌ.. قالها بعد روية وتأمل ، أفلاطون هذا الفيلسوف الكبير.. قال مقولته الرائعةَ : " أنَّ الدولةَ إذا أرادت أن تستقيم أمورها ، وتشيد بناء متراصاً ، وتتقدم أبداً إلى الأمام بتألق وازدهار، فعليها (وضع الرجل المناسب في المكان المناسب) ".

ربما هذه الصرخة الأفلاطونية التي عمرها آلاف السنين.. تجيب على صرخة الغضب التي أطلقها أحدُ نوابنا الكرام ، والتي تحمل في طياتها بعض الحقيقهْ ، وذلك احتجاجاً على تغيير جدول أعمال الجلسة من رقابيةٍ إلى تشريعيةٍ ، قائلا : " نحن لا نراقب الحكومةَ.. ولا نشرعْ ، وكله كذبٌ بكذبْ.. وتعلمنا الكذبَ من الحكومةِ ،كلنا نكذبْ، أنتم هزازون ذنب، ومنذ ست سنوات.. لم نناقش أي سؤال نيابي تحت القبة ".

صرخة هذا النائبِ ولو أنها متأخرة .. فإنها تؤكد لنا - ونحن نعيش خريفَ عُمْرِ البرلمانِ والأسابيع الباقيةِ منه - أن المسار الديمقراطي كان بكل عناوينه وبما هو عليه تجربةً مجهَضَةً ، وأضعف من أن يكون حاملاً وضامناً لتغييرٍ حقيقيٍّ يلبي التطلعاتَ والطموحاتْ ، وتكشف أيضاً عن رياءِ وزيفِ ومكرِ ونفاقِ وضعفِ بعض نُخَبِنا السياسية المعطوبة ، وتحمل بعض التساؤلات المشروعة ..في زمنٍ تقدمت فيه غربان الشؤمِ – المزيفونَ.. أصحابَ الرؤوس الجوفاء الفارغةِ – إلى الصفوفِ الأماميةِ ، في زمنٍ اختلط بهِ الحابلُ بِالنابلِ.. وضاعت بهِ المقاييس والموازين والمبادئ والقيم والأخلاق .

لقد ثَبُتَ بالأدلةِ والبراهينِ.. بأن تجربة الصوت الواحد.. لم تصمد أمامَ التحديات التي واجهت الوطنَ بجدارهْ ، ولم تكن بالمستوى المطلوبِ منها..في المهام والمسؤولياتْ ، ولم تسعف هذه التجربة المسار الديمقراطيَّ.. في التعامل والسلوك ، ولم تكن فعالةً في المسرح السياسي.. أو في مواجهة المشاكل والأزماتِ ، ولم يكن البرلمان - كما نتمنى - أميناً ووفياً على الأعراف والتقاليد الديمقراطيةِ ؛ فقد فشل فشلاً ذريعاً حتى في تأمين الحد الأدنى منَ الحلولْ ، ولم يكن عملهُ مثمراً وبنّاءاً في الاستقرار السياسي ، فانحرف البرلمان كثيراً عن الهدف المرسوم له ، وكان دوره ضعيفاً أو حتى مفقوداً.. في متابعة الدور الرقابي والإشرافي على عمل الوزارات ومؤسسات ومرافق الدولة ، فضاعتْ لجنة النزاهة البرلمانية وتاهتْ ، لا بل وغرقت في بحر الفساد المالي والإداريِّ الهائجِ والمتلاطم ، وتحول برلماننا الموقر إلى وكالات تجاريةٍ وسمسرةٍ .. تحسب حساب الربح والخسارة، وانفصل بشكلٍ تامٍّ.. وصار يعيش في وادٍ والشعبُ في وادٍ آخرْ ، وأصبحَ نوابُ الشَّعبِ يدافعون بشراسةٍ وضراوةٍ عن حقوقهم وامتيازاتهم الشخصية والذاتية ، حتى وصلت أقصى درجات اللامعقول والفنتازيا المجنونةِ ، فأُتْخِمَتْ بطونهم وامتلأَتْ جيوبهم على حساب هذا الشعب المنكوبْ.

يؤكد التاريخ أن المواطن يصنع قَدَرَهُ بنفسه.. وينسج المتغيرات بذاته ويحقق هويته وشخصيته بإرادته، والمواطن المُتَوَّجُ بوعيٍ ثاقبٍ لا يتقاعس عن أداء دوره التــاريخي لأنه يقف على تراث شـــــامخ يؤهله على تحقيق مستقبله المشرقْ ، ومِن هنا.. فالشعب الذي اختار هؤلاء ووضعهم في قبة البرلمان.. عليهِ أن ينزع الثقة عنهم .. ويشطبهم من قاموسه.. بعد أن شطبوه من قاموسِهم ، عليهِ أن يسحبَ البساطَ من تحتِ أرجلهم ، وذلكَ بانتخاب الأصلح الذين يملكُ الحِسَّ والشعورَ الوطنيَّ ، والأجدرُ بالكفاءةِ والعمل والإخلاص والمسؤوليهْ ، الأصلح الذي يخدمُ الشعبَ ، ويحافظُ على الوطن من الأخطار الداخلية والخارجيةِ ، وذلكَ بعد التحري والتدقيقِ ، في سِجِلِّهم الأخلاقيِّ والثقافيِّ والاجتماعيِّ والسياسيّْ .

يكفينا ما ذقنا من همومٍ وغمومٍ لَبَّدتْ سماءَ الوطنْ ؛ فحالُ الأردن السياسي والاقتصادي الحرج والعصيب ومحيطه الملتهب.. لا يتحمل استمرار هذه الوجوه القديمةِ الباليةِ والتي سئمنا من تكرارها.. والتي أدمنت الرقصَ على الحبالْ ، علينا رفدَ البرلمان القادم.. بدماءٍ جديدةٍ صادقهٍ ، كيف لا.. ونحنُ من نُشَرعِنُ دخولهم لِنضعَهم تحت القُبَّهْ ، فالمرحلةُ بأعبائها وتبعاتها وأثقالها وصعوباتها ومخاطرها.. بحاجةٍ إلى قوةٍ أكبرَ تؤسس وتبني وتترجم الأقوال إلى أفعال ، ولن يتغير حالنا إلى الأفضل إلا إذا استشعر كلُّ واحدٍ منا دوره وواجبه الوطني ، ولكن هيهاتْ.. فقد صرخنا كثيراً ، وكتبنا حتى تقشَّرتْ أصابعنا.. فزرعنا الــ لو ، ولكن الــ لو.. طِلعتْ يا ريــيــيــتْ .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 30924
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم