حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 37942

الضفدع على الهواء مباشرة !!

الضفدع على الهواء مباشرة !!

الضفدع على الهواء مباشرة !!

07-01-2016 09:13 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عصمت حداد
عندما كنا في المرحلةِ الإبتدائيةِ..كنا مبهورين بكتاب اللغة العربية وقِصَصِهِ ورسوماتهِ المتنوعة والجميلهْ..حيثُ كانت الصور المرسومة تؤثر في أحاسيسنا أكثر من الكلماتْ، في كثير من الأحيان..ومن أطرفِ هذهِ القصصِ..قصَّة البقرة والضفدعِ..وتلكَ المحادثةِ التي جرتْ بينهما قرب ينبوع الماءِ، كانَ الضفدع يفكر كثيراً بطريقةٍ تجعله يصل إلى حجم البقرة الكبيرهْ، وبينما هو غارقٌ في التفكير التفتَ إلى البقرة قائلاً لها : هل من طريقة تجعلني أصبح بحجمكِ يا بقرهْ !! أجابتهُ البقرةُ - وبنصف نظرة - قائلةً له : ممكن جداً يا عزيزي.. أنفخ نفسكَ بشدةٍ.. وسوف تصبحَ مثلي كبيراً، فقد كنتُ مثلكَ عندما ولدْتْ!! صدَّقَ المسكينُ كلامَ البقرةِ..ونفخَ نفسهُ بكل ما عنده من قوةٍ..حتى انفجرَ وماتْ..لقد كان حزننا كبيراً نحن الأطفال..وعرفنا بِأن الفكرةَ الساذجة انطلت على الضفدعِ والذي فقدَ حياته بسبب غرورهِ وغبائِهْ.

هذه الحكاية القديمة..أراها تتجسد الآن بوضوح عندما أرى أشخاصاً يتضخمون حدّ الإنفجارْ، وجوههم امتدت حتى غطت السقوف..وصدورهم انتفخت حتى خرجت حلماتُهم من النوافذ.. وبطونهم اندلقت من الأبواب، هؤلاء الذين يجب كشفً عيوبِهم على شاشات التلفزة وفي الإذاعات والصحف، هؤلاء الذين أصبح - أمراً حلالاً- كنسَهُم بالمكانس الناعمة كي يصبح العالمُ مكاناً صالحاً للعيش!!‏ هؤلاء الذين يجب غسل الأيدي وتطهيرها بعد السلام عليهم ؛ حتى لا تنتقل إفرازاتهم المتورمة عبر مسام الجلد، هؤلاء المزيفون الدجالون اللابسون جلود الضأن على قلوب الذئاب، هؤلاء العقارب والرويبضات التي مدت رؤوسها مستغلَّةً زمن الفوضى.‏

يا من تدعون أنفسكم بـ (الإعلاميين)، وتصنفون الناس بين مثقف (نص كم)..ومثقف (ربع كم) ، ونسيتم أنكم مثقفون (حفر) تعيشون على فضلات الإيديولوجيا، مستمعين ملتقطين لشتات الكلمات والمصطلحات والأفكار، لا قارئين حقيقيين، تدورون حول ركام الكلمات كما يدور الحمار المصفوع في الظلام لا يدري إلى أين يتجه، متخبطين كالأباعر الهائجة لا تدرون سبيلا ولا تعرفون طريقاً، لقد حولتم الكلمات ذات الحساسية العالية إلى كلمات فاجرة تتشدقون بها في السراء والضراء وكأنكم هابطون من السماء، وفي داخل كل واحد منكم (إنسان) مهزوم مهزوز مزيف..يجد خَلاصَ نفسه دون غيره في فجور الكلماتِ..وخيانتها ليلاً نهاراً.. فاجمعوا أسماءكم المشوهة وانصرفوا .

أيها "الكلمنجي" : إن الوطن ليس مجرد حجارة، بل الوطن حياةٌ نحملها، أينما سِرْنا ونسيرْ، تحت أيِّ تسميةٍ : مسلم أو مسيحي..شركسي أو شيشاني..نازح أو لاجئ..من شماله حتى جنوبه ؛ فنحن ولدنا في بلد طيب..أهله طيبون..يحبون بعضهم البعض..يتفقدون كبيرهم..يرحمون صغيرهم..إحساسهم ببعضهم شعار يعيشون به، فعندهم يشبع الجائع..وعندهم يأمنُ الخائف، يحسُّون بكَ ويقتسمون الآه معك، في وطني كل البيوت بيتي..وكلُّ المساجدِ والكنائسِ معبدِي، في وطني.. نتقاسم الخير معا.. ونعيش السعادة معا، كلُّ ذلكَ وأكثَرْ.. كيفَ لا.. ونحنُ نعيشُ في بيتِ عبدالله بن الحسينِ.. حماهُ الله .

أيها "الكلمنجي" : لقد عشنا في أحضان هذا البلد وهذه الأرض الطاهرةِ..فامتلأت أرواحنا بكل معاني الجمال..فعشقنا الوطَنْ، أنا ابن هذا الجمال..بين أحضانه ولدتُ..نعيشُ بهِ كأسرةٍ واحدهْ..نصحو على أصوات المآذن وأجراس الكنائس، يصطف التلاميذ بمدارسهم مرحبين..ليس هناك ما يعكر صفوهم، يحملون أقلامهم ومستقبلهم بين قلوبهم..وتسمع من هذه المدارسة آياتٍ من القران، وبِجانِبها مدرسةٌ أخرى تقرأً الإنجيلَ. فَنُحِسُّ بالسعادة والفخر والعظمة، أهل بلدي عشاق الكلمة الراقية..ثقافتهم أصيله وعظيمه..ترفضُ الكلمةَ الجارحةَ والمفرِّقَةِ، فكيفَ لكَ أيها الضِفدعُ أنْ تنعقَ على كنائسِ هذا الوطنْ !!!

لقد تعودتُ أن أكتب للأردنيين جميعا مهما اختلفوا، ولم اشعر في يوم ٍ بحاجتي إلى الكتابة عن دين ما، أو طائفهْ ؛ فأنا مؤمن بأن عروبتي وأردنيتي كافية لتنسبني لوطني، أردنيتي هي كل ما احتاجه لكي اكتب للأردنيين وأناقش معَهُمْ همومهم، أردنيتي ستبقى البوصلة للمواطنة الكاملة والعريقة، حتى حين كانوا يقولون عن المسيحيين أقلية..كنت اضغط على جرح في نفسي واردد في سِرِّي..جميعُنا أردنيونَ..ولا أقليةَ بهذا الوطنِ الحبيبْ، نعم لم ولن تبنى الأوطان بالتباري بين الأديان والمذاهب والطوائف، الأوطان تبنى حين تتجمع كل الأطياف والأديان والقوميات معاً في باقة زهور واحدة ترفع على قمتها اسم الوطن.

" أنت بالنسبة لنا مش مُتنفس ، أزلتَ الدوّار.. ولم تحترم أهل الدار "


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 37942
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم