بقلم :

من أجمل ما قرأت في سياق التعبير عن أهمية التخطيط الحضري كتاب عنوانه (بيع أو تسويق المدينة ) Selling the City للكاتب Ashworth, G.J حيث شبه الكاتب المدينة بمنتج يجب أن يكون قادر على تسويق نفسه لجذب السكان و السياح و الانشطة الاقتصادية في ظل التنافس الاقتصادي العالمي.

التنظيم أو التخطيط الحضري The urban Planning و ما ينطوي عليه من متطلبات أساسية من شبكات مياه و كهرباء و طرق و مواصلات عامة و عناصر امن و سلامة ...الخ هو من أهم العلوم التي تتنافس الجامعات العالمية في تدريسه و هو أولوية وطنية تخصص له الدول هيئات حكومية تنظيمية من بلديات و مجالس أمانات مدن, و هيئة استراتيجية يترأسها عادة رئيس الوزراء و تضم ممثلين عن أمانة العاصمة و البلديات و الصحة و الامن العام و دوائر حكومية أخرى و بلدنا الحبيب ليس استناءا من هذا النسق ..

اعتذر من القراء الكرام عن المقدمة الطويلة, و التي لا بد منها للولوج الى مادة هذا المقال ألا و هي المشاكل و الاخطاء المتزايدة التي تعاني منها مدينتنا الحبيبة عمان, و التي و أخشى أنها بدأت بالتحول من معشوقة و طنية و قصة رقي و نجاح و جمال و نظافة الى وسط مزدحم مزعج مليء بالحفر و المشاريع العشوائية المثيرة للاعجاب في الشكل و الفقيرة, و بحسب قناعتي الشخصية, الى الرؤية السليمة و التوظيف الصحيح, مما يدفعنا الى القلق على مستقبل هذه المدينة العريقة تاريخيا على المدى القريب و البعيد.

ليس الهدف من وراء هذا المقال الاساءة الى أية شخصية أو هيئة أو منجزات عامة , الهدف هو تسليط الضوء على مشاكل و مشاهد يومية أعاني منها و تثير قلقي شأني كشأن الكثير من سكان العاصمة عمان. التردد السريع, هذا المشروع الجديد الذي تم اطلاقه مؤخرا في عمان, و الذي يندرج تحت بند معالجة مشكلة المواصلات العامة في العاصمة عمان, و اللتي و بحق في أمس الحاجة الى حل جذري,

يثير التساؤلات التالية: - شارع الملكة رانيل العبدالله ( شارع الجامعة الاردنية) يتكون من ثلاثة مسارب في كل اتجاه, تضيق احيانا الى مسربين, و تمر عبر العديد من التقاطعات و الاشارات الضوئية و الجسور و الانفاق. هذا الشارع الحيوي يعد مدخل عمان الرئيسي من جهة السلط و اربد و العديد من المدن و القرى الاخرى, و يخدم منشآت حيوية على رأسها الجامعة الاردنية و الكثير من المجمعات التجارية. الشارع المذكور يعاني من عدم وجود مسافة جابنية اضافية (كتف الطريق) و ضغط و ازدحام كبيرين خصوصا في ساعات الذروة, فكيف سيكون الحال بعد استئصال مسربين على الاقل و تخصيصها لباص التردد السريع, أعتقد أن الحال سيكون سيئا جدا و الوضع الحالي بعد اغلاق المنطقة المخصصة للمشروع أكبر دليل .

(هذا على اساس فهمنا للمشروع المذكور كما تم يقديمه في اللافتات و الاعمال الانشائية الحالية في وسط الطريق) - بناْ على ما ورد في النقطة الاولى, هل تم عمل دراسة تأثير impact analysis دقيقة و مسبقة للمشروع أخذت بعين الاعتبار عدد السيارات المستخدمة للشارع و طاقته الاستيعابية قبل و بعد المشروع؟ اذا تمت هذه الدراسة فما هو الحل الذي يقدمه القائمون على هذه الدراسة للازدحام الهائل الناجم عن المشروع؟ - كيف سيقوم باص التردد السريع باختراق التقاطعات و الاشارات الضوئية, هل (و أخشى ذلك) من خلال تعطيل السير باشارة ضوئية و اعطاء الاولوية لهذا الباص بالخروج من مسربه و العودة بعد التقاطع؟

اذا كانت هذه هي الآلية فيجب أن نتوقع ازدحام اضافي يتراكم فوق الازدحام الاصلي الناتج عن المشروع - كيف سيقوم ركاب و مستخدمي هذه الحافلة بقطع الشارع من الجهتين و الوصول اليها, هل من خلال انقاق pedestrian tunnels من تحت الشارع أو جسور مشاة, هل تقدم هذه الاسترتيجية حلا أم تخلق مشكلة و تقدم لها حلا - وسيلة المواصلات هذه, باص التردد السريع, موجودة في عدة مدن عالمية و تؤدي الغرض منها بنجاح, و لكن هل كل ما ينجح في الخارج يناسب مدننا؟, هل لدينا نفس اتساع و كفاءة الشوارع في هذه المدن العالمية لتتسع لهذا النمط من الحافلات؟ ألم يكن من الاولى أن نقتبس ابجديات التنظيم للشوارع و مواقف السيارات و ممرات المشاة من هذه المدن العالمية؟

- هل سيتم الغاء ترخيص باقي الحافلات الخاصة العاملة في هذا الشارع, و اذا لم يتم ذلك فهل ستشارك هذه الحافلات باقي سيارات الموطنين في المسارب المتقلصة المتبقية؟ هل كان من الممكن حل المشكلة من خلال تخصص شركة وطنية حصرية للحافلات العاملة في العاصمة بحيث تكون مناسبة و آمنة و مريحة و تعمل وفقا لجداول زمنية ثابتة و سرعات محددة و مواقف الزامية دون الحاجة الى باص التردد السريع و ما يرافقه من اشكاليات و كلفة باهضة (قد تصل الى 2 مليون دينار لكل كيلومتر طولي). - هل حكم على سكان و مستخدمي عمان الدخول و الخروج منها من خلال تحويلات و حفريات تتزامن و تتوزع من طريق المطار الى منطقة العبدلي الى شارع الجامعة؟ هل يعتبر فصل الصيف و ما يرافقه من تضاعف عدد السيارات في عمان بسبب الوافدين و السياح التوقيت الامثل لاظافة حفرة اضافية على احد الشوارع الرئيسية في عمان؟ التردد في عمل الخير و المصلحة العامة مرفوض, و لكن التردد في تنفيذ المشاريع الغير مضمونة العواقب محبب و مطلوب, اتمنى أن نتردد بطيئا قبل المضي في اكمال باص التردد السريع و الله من وراء القصد

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا